2 مارس 2022

"إسرائيل" تُلغِّمُ البحر المتوسط

"إسرائيل" تُلغِّمُ البحر المتوسط

صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيليّ في يناير/كانون الثاني 2022 على صفقةٍ لشراء 3 غواصات ألمانيّة بقيمة 3.4 مليار يورو (تموّل ألمانيا الغارقة في عقدة ذنب المحرقة النازيّة 600 مليون يورو منها)، وذلك بعد سنوات من تعطّلها، وشبهاتٍ دارت حول الفساد في عملية شرائها. 

تُعدُّ تلك الغواصات من النوع الأكثر تقدماً في العالم، إذ تمتلك القدرة على إطلاق صواريخ برؤوسٍ نوويّة، كما تحتوي على أنظمةِ جمع معلومات، وتستطيع الإبحار لمدة 80 يوماً دون الحاجة للتزود بالوقود. ستُسلّم أول غواصةٍ منها بعد 9 سنوات من الآن، بعد تصميمها ضمن معايير تُلبي المتطلبات التشغيليّة للبحريّة الإسرائيليّة.1سيُطلق الاحتلال اسم "داكار" على الغواصات الجديدة، مستلهماً الاسم من الغواصة الإسرائيلية التي فقدت عام 1968 خلال إبحارها من بريطانيا إلى فلسطين المحتلة، وعلى متنها طاقمها المكون من 69 جندياً، ولم يتم العثور على حطامها إلا عام 1999، بين قبرص وجزيرة كريت. 

الغواصات الألمانيّة ليست المؤشر الوحيد على  التصاعد في الاهتمام الإسرائيليّ بتطوير سلاح البحريّة، والرغبة في تعزيز حضوره في البحر المتوسط بالأخصّ. في ضوء ذلك، نحاول في هذا المقال رصد النشاط الإسرائيليّ البحريّ وأهدافه، وعلاقة ذلك بحقول الغاز في البحر المتوسط، والدور الذي يسعى الاحتلال أن يؤديه في المنطقة باعتباره مورداً للطاقة.

آخر التطورات

وصلت، في منتصف العام الماضي، من الشركة الألمانيّة ذاتها التي تُصنّع الغواصات - Thyssenkrupp Marine Systems- إلى دولة الاحتلال 3 سفن دوريّة عسكريّة من نوع ساعر 6،  والتي ستُزوّد بمضاداتٍ وتقنياتٍ إسرائيليّة من أجل تشكيل منظومة دفاعيّة ضدّ الصواريخ، وستخدم مراقبة عمليات استخراج الغاز في البحر الأبيض المتوسط.2السفن الثلاثة من ضمن صفقة بقيمة 430 مليون يورو، وقعت عام 2015 تقضي بشراء 4 سفن. وصلت السفينة الأولى عام 2020.  

وفي مطلع فبراير/ شباط الماضي، شاركت دولة الاحتلال في مناوراتٍ بحريّةٍ ضخمة في البحر الأحمر ضمّت 60 دولةً. وفي الشهر ذاته، وخلال زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس للبحرين، التي انتهت بتوقيع مذكرة تفاهم أمنيّة، كان من اللافت أنّه اصطحب معه قائد الأسطول البحريّ الإسرائيليّ. بعد الزيارة بأيام، أُعلن عن أنَّ ضابطَ تنسيقٍ من البحريّة الإسرائيليّة سيتواجد بشكلٍ دائمٍ في البحرين، وذلك لأوّل مرةٍ في دولةٍ عربيّة، من أجل التواصل مع الأسطول الخامس الأميركي الذي يتخذ من البحرين مقراً له. 

غوّاصة إسرائيليّة من نوع "دولفين"، ألمانيّة الصنع في وسط البحر المتوسط، خلال مناورات بحرية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس دولة الاحتلال، مايو 2008، AFP.

وبعد أسبوعين من تلك الزيارة، توجه رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت للبحرين أيضاً، والتقى هناك قائد الأسطول الأميركي براد كوبر. وفي سياق تغطية الزيارة، أشار تقريرٌ صادر عن إذاعة جيش  الاحتلال إلى الأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها البحرين لقربها من إيران، وهو ما يجعل التعاون معها في المجال البحريّ حيويّاً.

إضافةً إلى ذلك، يتم حالياً ربط سلاح الجو والبحر والبرّ بشكلٍ مشتركٍ من خلال امتلاك أجهزة استشعار ورادارات واحدة من أجل استكشاف أي تهديد والردّ عليه بشكلٍ مشترك. وهذا جزءٌ من خطة "تنوفا" التي أطلقها رئيس أركان جيش الاحتلال الحالي أفيف كوخافي، التي تقوم على الحرب متعددة الأبعاد التي تتداخل فيها كلُّ القوات والتقنيات، وتسعى إلى تحقيق تفوقٍ سريعٍ تعمل خلاله وحداتُ الجيش على زيادة الأهداف المستهدفة، وتهدف لجعل جيش الاحتلال "أكثر فتكاً وأفضل تدريباً وأكثر قدرةً على الدفاع".

العودة إلى البحر.. الطاقة أهمّ الداعين

يُشكّل البحر المتوسط مصدراً غنياً للطاقة وميداناً نشطاً للتنافس الإقليميّ على حقول الغاز الطبيعيّ فيه. وتُشكّل حقول الغاز الطبيعيّ المنهوب في المياه الإقليمية الفلسطينيّة مصدراً هامّاً للطاقة في دولة الاحتلال، ومن خلالها يتم إنتاج 70% من الاستهلاك الكهربائيّ.3حقول الغاز هي، تمار (استحوذت شركة إماراتية على 22% من هذا الحقل)، وليفاثان، وسارة وميرا، شمن، وكاريش (مختلف عليه مع لبنان)، ودانيال، وتنين، وماري- ب (في مياه قطاع غزة ولكن يسحب منه بشكلٍ مائل. وهذا يعني أنّ ضرب تلك الحقول من قبل المقاومة، أو أطراف أخرى، سيُسبِّب ضرراً كبيراً خاصّةً مع تحويل البنيّة التحتيّة لإنتاج الكهرباء من الفحم إلى الغاز. لذلك، فإنّ تطوير سلاح البحريّة مرتبط، في أحد جوانبه، باعتباره ضرورة أمنيّة لحماية تلك المنشآت والمصالح الاقتصاديّة الاستراتيجية للاحتلال. 

وليس الأمر محصوراً بالاستهلاك المحليّ فحسب، فالغاز الإسرائيلي ورغم أنّه لم يحقق الأرباح المتوقعة منه حتى الآن، إلا أنّه يدخل ضمن الصراع الاستراتيجيّ الإقليميّ للسيطرة على البحر المتوسط، وفي خضم هذا الصراع تسعى دولة الاحتلال لتقديم نفسها كموردٍ رئيس للغاز، خاصّةً في ظلّ التوتر بين روسيا وأوروبا وأميركا، وتوقف مشروع "نورد ستريم 2" حتى الآن.

ومن المهم الانتباه هنا إلى أنّ صفقات الأسلحة البحريّة الإسرائيليّة الأخيرة جاءت عقب توقيع اتفاقية مدّ خطّ أنابيب غاز "أيست ميد" بين دولة الاحتلال وقبرص واليونان، والذي سيبلغ طوله 1872 كم، وسيُتيح نقل 9-11 مليار متر مكعب من الغاز سنويّاً من منطقة المتوسط إلى أوروبا. (مع التنويه أن أميركا أعلنت أنها لن تدعم المشروع، لكن يبدو أنّ فكرته لم تُلغ، وقد يُطرح من جديد في ظلّ الحرب الأوكرانيّة الروسيّة).

كما سيُموّل الاتحاد الأوروبي مدّ خطّ بحريّ للكهرباء بين دولة الاحتلال وقبرص واليونان، وقعت اتفاقيته في مارس/ آذار 2021 ومن المتوقع أن ينتهي العمل به عام 2024. كما جرى توقيع اتفاقيةٍ لمدِ خطّ أنابيب نفط من الإمارات إلى ميناء حيفا من أجل نقله إلى أوروبا.4حتى الآن المشروع متعثر نتيجة احتجاجات بيئية عليه في "إسرائيل". بالإضافة إلى انضمام دولة الاحتلال لمنتدى غاز شرق المتوسط.

بحّارة إسرائيليّون خلال استقبال السفينة الحربيّة "هعتصمئوت"، من نوع ساعر-6 ألمانيّة الصنع، بعد وصولها من ألمانيا، أغسطس 2021، AFP.

تأتيّ كلّ هذه الاتفاقيات في سياق اكتشافات حقول الغاز البحريّة والحقول الموجودة أساساً، وهي كاريش تانين وليفياثان وتمار. وبطبيعة الحال فإنّ حمايتها وتأمين عمليات الحفر فيها هي الدافع وراء تعزيز الحضور العسكريّ البحري، فصفقة السفن ساعر 6، وفق ما صرّح به جيش الاحتلال، تهدف لحماية منشآت الغاز، خاصّةً مع التخوف من إمكانية حدوث عملياتٍ للمقاومة ضدّها، فتصبح القوّة البحرية عاملاً مُعزّزاً للجهد الحربي الإسرائيلي. يُذكر أنّ سفن ساعر 6 مزوّدة بتقنياتٍ وصواريخ تُمكّنها من التعامل مع الهجمات الصاروخيّة من الشواطئ، إذ أنتجت دولة الاحتلال منظومة قبّة حديدية تٌثبت على سفن ساعر 6 كدرعٍ واقٍ.5القلق الإسرائيلي من هذه الناحية مرتبط بتقديرات حصول حزب الله على صواريخ "ياخونت" الروسية القادرة على ضرب السفن ومنصات الغاز في البحر. 

اقرؤوا المزيد: "مواردنا المنهوبة.. أنابيبٌ إسرائيليّة لغازٍ فلسطينيّ". 

إضافةً إلى منشآت الغاز التي تحتاج حمايةً عسكريّة، توجد على سواحل المتوسط 5 محطات تحلية مياه توفّر 80% من الاستهلاك الإسرائيليّ، ومن المتوقع أن تتم إضافة محطات أخرى. كما أنّ عودة الاهتمام بسلاح البحريّة، تأتي مع إدراك تركز نصف المستوطنين الإسرائيليين في مدى 30 كم من البحر، بالإضافة لكون 98% من التجارة الإسرائيلية تجري عن طريق البحر المتوسط، إذ يمتلك الشحن البحريّ سعةً أكبر من النقل الجويّ، لذلك يشكّل خطّ الإمداد الروتيني، ففي حرب أكتوبر/ تشرين 1973 وصلت 90% من الإمدادات العسكرية الأميركية الطارئة من خلال البحر. كما أنّ حوالي 90% من حاجة دولة الاحتلال للقمح تصل من خلال البحر، ومنه أيضاً تصل حوالي 300 ألف سيارة سنويّاً.

البحث عن مكان في بحر مزدحم

وبالنظر إلى "جاراتها"، فإنّ دولة الاحتلال تحاول تحقيق تفوقٍ استراتيجيّ على مستوى الإقليم، خاصّةً في ظلّ القوّة البحريّة المتنامية لإيران وتركيا ومصر، بالإضافة إلى إيجاد تحالفٍ بحريٍّ ودبلوماسيّ مع قبرص واليونان تلعب فيه دولة الاحتلال دوراً قياديّاً.

وبالمقارنة مع دول منطقة المتوسط، تركيا ومصر واليونان، تُعدّ القوّة البحريّة الإسرائيليّة أقلّهم تسليحاً، إذ تمتلك مصر حالياً 8 غواصات وحاملتي طائرات، وهي قطعة حربيّة غير موجودة لدى الاحتلال وتركيا واليونان، وتصنّف مصر في الدرجة 12 على العالم في القوة البحريّة. أما تركيا، فلديها 12 غواصة، وتصنف بأنها 18 على العالم في القوة البحرية، فيما تمتلك اليونان 11 غواصةً وتُصنف بأنها القوة البحريّة رقم 28 على العالم. بينما تُصنّف "إسرائيل" في المرتبة الـ44 في العالم فيما يتعلق بالقوة البحريّة.

في السياق ذاته، فإنّ البحر المتوسط يشهد نمواً للحضور الروسيّ فيه، فقد حصلت روسيا على عقد إيجارٍ لميناء طرطوس لمدة 49 عاماً من النظام السوريّ. وبدأت روسيا في الاستثمار في غاز المتوسط بعد توقيع اتفاقيةٍ مع النظام السوريّ في مارس/ آذار 2021 من أجل التنقيب عنه. فيما وصل الخطر الروسيّ نحو دولة الاحتلال بعدما اكتُشِفت غواصةٌ روسيّة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 في المياه الإقليميّة الإسرائيليّة، وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أغلقت روسيا مساحاتٍ كبيرةً من المتوسط خلال إجراء تدريباتٍ بحريّة. 

ويأتي هذا التصاعد في ظل فشل المفاوضات الإسرائيلية مع لبنان على المنطقة المعروفة بـ"بلوك 9" في التوصل إلى اتفاقٍ خلال الصيف الماضي، فيما تحاول الإدارة الأميركية الحالية استئناف المفاوضات، وأرسلت الوسيط الجديد عاموس هوكشتاين (خدم في جيش الاحتلال) إلى لبنان ودولة الاحتلال من أجل تسوية الخلاف على 860 كم بحرية، مع سعي أميركي لدمج "إسرائيل" ضمن منطقة غاز المتوسط.6يتسحاق لفانون، "التسوية البحرية مع لبنان ممكنة هذه المرة"، نشرة مختارات من الصحف العبرية، العدد 3732، 31-1-2022، ص10- 12.

القوّة البحريّة الإسرائيليّة.. بعضٌ من التاريخ

تقع القوّة البحريّة - تاريخيّاً - على الهامش في دولة الاحتلال، إذ لطالما حصلت على أقلّ نسبةٍ من التمويل من ميزانية الجيش. وينشط في القوة البحريّة الإسرائيليّة 9500 جندي تقريباً، ويخدم بالاحتياط العدد نفسه تقريباً. كما أن حضور سلاح البحريّة في النشاط العسكريّ كان محدوداً بشكلٍ عام، وقد اقتصر دور وحدة الخدمات البحريّة، التي تأسست عام 1948، خلال حرب 1956 على الدور اللوجستي. 

أما بعد حرب حزيران 1967، فقد بُنيت ترسانةٌ بحريّة كبيرة ولعبت دوراً في حرب تشرين/ أكتوبر 1973، فقد أغرقت عدداً كبيراً من السفن المصريّة، وشنّت هجماتٍ ضدّ منشآتٍ نفطيّةٍ وموانئ سوريّة ومصريّة. وبعد الحرب اقتصرت مهمة القوات البحريّة الإسرائيليّة على عمليات المراقبة وتأمين الشواطئ.7جوني منصور وفادي نحاس، المؤسسة العسكرية في إسرائيل (تاريخ، واقع، استراتيجيات وتحولات)، (رام الله: مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، 2009)، ص 318- 319.

لكن حصاد الحروب لم ينتهِ هنا، فقد استهدف "حزب الله" خلال حرب تموز 2006، سفينة ساعر 5 من خلال صاروخ أرض-بحر-، مما أدّى إلى مقتل 4 جنودٍ على متنها، دون أن يتسبب ذلك في غرقها، لكنّ الضربة أحدثت مفاجأة كبيرةً في حينه، ويبدو أنّها - إضافةً إلى اكتشاف حقول الغاز- دفعت نحو تطوير سلاح البحريّة.

وخلال العقد الأخير، تغيرت وتيرة وطبيعة النشاطات الإسرائيليّة في البحار، ففي يوليو/ تموز 2013 هاجمت غواصةٌ إسرائيليّة من نوع دولفين (النوع ذاته في صفقة الغواصات الأخيرة) مدينة اللاذقية السوريّة مستهدفةً مخازن أسلحة، رغم ذلك يبدو أن مهاجمة مستودعات الأسلحة في سوريا قد حُسِمت لصالح سلاح الجو.

جندي إسرائيليّ على متن السفينة الحربيّة، ساعر 5، خلال مناورات تدريبية، أبريل 2017، AFP.

أما من جانب غزّة، فقد كانت عملية زيكيم البحريّة على شاطئ عسقلان التي نفّذها مقاتلون من "كتائب القسّام" خلال حرب 2014، إحدى أول التهديدات البحريّة التي تصل الاحتلال من المقاومة الفلسطينيّة في غزّة. كما أنّ منشآت الغاز البحريّة الإسرائيليّة المقابلة لشواطئ غزّة قد استهدفت خلال الحرب نفسها. تكرّر ذلك خلال معركة "سيف القدس"، فقد حاولت المقاومة استهداف حقل تمار للغاز الواقع قبالة سواحل عسقلان، من خلال طائرةٍ مُسيّرة وغواصاتٍ مُسيّرة عدّة مرات، دون إصابته، لكنه توقف عن العمل بعد هذه المحاولات طوال فترة الحرب.

اقرؤوا المزيد: "أذرع المقاومة الطويلة.. عن صواريخ سيف القدس".

إضافةً إلى ذلك، فقد وقعت في العام الماضي هجمات متبادلة على سفنٍ في البحر الأحمر، تتبع لإيران ولـ"إسرائيل"، إذ تعرّضت 11 سفينةٍ إيرانيّة لهجمات، وضُرِبت 12 أخرى خلال نقلها النفط لسوريا، فيما تعرّضت 4 سفن إسرائيليّة للهجوم.

وتمتلك القوّة اليوم 3 غواصات ألمانيّة من نوع دولفين-2، ومن المتوقع أن تحصل، وفقاً للصفقة الألمانيّة الأخيرة، على 3 غواصات أخرى من النوع نفسه خلال العقد القادم. كما أنّها تمتلك سرباً من الطائرات المروحيّة والطائرات بدون طيّار، و6 سفن دعم، و42 سفينةً دوريّة، و10 سفن صواريخ من نوع ساعر 4.5، و3 طرّادات من نوع ساعر 5، و4 سفنٍ جديدة من نوع ساعر 6.

من حيث لا يحتسبون

حتى الآن لم تتفوق دولة الاحتلال بحريّاً من ناحية قوة، خاصّة إذا ما قورنت مع "جاراتها" اللواتي يتفوقن عليها في عدد الغواصات وفي مجموع السفن الممتلكة، كما وضّحنا أعلاه. كما أنّ الأمور ليست محسومةً في البحر، ففي نهاية عام 2019 وخلال عملياتٍ بحريّةٍ بحثيّة إسرائيليّة قبرصيّة مُشتركة، تصدّت لهم سفينةٌ تركيّة وأجبرتهم على التوقف عن العمل. هذا بالإضافة لتوقيع تركيا اتفاقية ترسيم حدود بحريّة مع حكومة الوفاق الوطنيّ في ليبيا، كما تشهد مصر استمثاراً في سلاحها البحريّ، وتعقد عدة صفقاتٍ من أجل شراء سفن وغواصات جديدة.

لذلك يظهر أنّ الالتفات الإسرائيليّ للقوة البحريّة متأخر، لكن دولة الاحتلال تحاول تعويض ذلك من خلال منظومات الدفاع المرتبطة في السفن، والمساهمة في إشراك القوة البحرية بشكلٍ أكبر ضمن الجيش الإسرائيلي، ومحاولتها لعب دور دبلوماسي واستراتيجي أكبر من العسكري. فيما يمكن أن تشكل بداية وصول الغواصات الجديدة تحولاً على القوّة العسكريّة البحريّة الإسرائيليّة. 

لكن، رغم كل ذلك، فإنّ طبيعة الحرب اللامتكافئة التي قد نعيش، تعني أنّ صاروخاً واحداً من قبل المقاومة في أي حرب قادمة كفيلٌ بإيقاف إمدادات الغاز أو قطع الكهرباء عن أجزاءٍ واسعة من مستوطنات دولة الاحتلال، وعن قطع الإمداد عن بعض زبائنها.