21 ديسمبر 2021

صناعة النبيذ الإسرائيليّ

سيرةٌ مختصرةٌ لنكبةٍ تقطنُ في عناقيد العنب!

سيرةٌ مختصرةٌ لنكبةٍ تقطنُ في عناقيد العنب!

في البدء كان كرمُ العنب، ومن ثمّ جاءت الصهيونيّة وصنعت منه خمراً. كأنّها بذلك "أحيَت" ثقافة النبيذ في "الأرض المقدسة" بعدما دُثِرت لعصور. يقول صانعُ نبيذٍ إسرائيليّ، في فيلم بعنوان "نبيذ مقدس" (2021): "المسيح حوّل الماء إلى نبيذ، لكن مرّت 2000 سنة حتى أصبح النبيذ جيّداً". هكذا يمكن اختصار الرواية الصهيونيّة عن صناعة النبيذ الإسرائيليّة في فلسطين المُحتلة.

تكشف هذه العنجهية عن رمزية أعمق في الوعي الجمعيّ الإسرائيلي، إذ لم تتفوق الصهيونيّةُ على المسيح بإنتاج النبيذ -حسب ادعائها- فحسب، بل حلّت محلّ المخلّص المنتظر للشعب اليهوديّ عامّةً. يمتد ذلك إلى التصوّرات عن كون أرض فلسطين صحراء مُقفرة ومُهملة، فجاءت الصهيونيّة لِـتُزهرها وتُعمّرها. وسط هذه المُخيّلة، تقطن سيرة النبيذ الذي تنتجه المستوطنات الإسرائيليّة.

بن غوريون في مصنع النبيذ

في أراضي عام 1948 ومُرتفعات الجولان، هناك حوالي 55 ألف دونم من كروم العنب، يمتصها حوالي 300 مصنع نبيذٍ إسرائيليّ نشأ مُعظمها في الثمانينيّات وبعدها، تُنتج ما يصل إلى 60 ألف طنٍ من نبيذ العنب سنويّاً. يعود أكبر هذه المصانع إلى ثاني مستوطنة صهيونيّة أُقيمت على أراضي قرية عيون قارة؛ مستوطنة "ريشون لتسيون". بدأت المستوطنة عام 1882 بزراعة كروم العنب، بدعمٍ من البارون روتشيلد، الذي كان أكبر المستثمرين في المشروع الصهيونيّ، وصاحب كروم وخمّارات في جنوب فرنسا. وقد أنشأ فيها أول مصنع نبيذٍ بآلياتٍ حديثة، وأقامه من بعدها في مستوطنة "زخرون يعكوف".

فيديو يعود للعام 1957، يوثّق جانباً من الدعاية الصهيونية المرتبطة بصناعة النبيذ. (راجع الدقيقة السادسة).

كانت تلك الخطوات الأولى لشركة "نبيذ الكرمل"، والتي تشكّل اليوم أكبر المنتجين للنبيذ الإسرائيليّ، بمعدّلٍ سنويٍّ يفوق الـ 15 مليون زجاجة.1لم تكن "نبيذ الكرمل" الشركة الوحيدة التي بدأت عملها قبل النكبة: عام 1899 أقامت عائلة فريدمان شركة إضافية لصنع النبيذ تحمل اسم العائلة في مستوطنة بيتاح تيكفا، لتصبح في نهاية الثمانينات نبيذ "باركان" وهي من أكبر منتجي النبيذ الإسرائيلي كذلك. وقد شكّلت زراعة العنب مصدرَ دخلٍ مهمٍ للمستوطنين وللهجرة الصهيونيّة إلى فلسطين في بدايات القرن العشرين، فعمل في شركة "نبيذ الكرمل" مثلاً كلّ من دافيد بن غوريون وليفي أشكول، واللذين شغلا لاحقاً منصب رئيس وزراء دولة الاحتلال، وذلك في سياق الترويج لشعار "العمل العبريّ" إبان الهجرة اليهوديّة الثانية إلى فلسطين. يعني "العمل العبريّ" سيطرة اليهود على ميادين العمل المُختلفة، لبناء اقتصاد "منفصل" عن الفلسطينيين، أو للدقّة، اقتصادٍ مُستغلٍ للفلسطينيين. 

اقرؤوا المزيد: كيف اختفى عمّال الضفّة؟

إبان النكبة، وتحت وطأة الحكم العسكريّ المفروض على فلسطينيي الداخل (1948-1966)، صودر ما تبقى من أراضي الناس - بما فيها كروم العنب، وتحوّل الفلّاح الفلسطيني إلى يد عاملة رخيصة في السوق الإسرائيلي.2في دليل موجه لأصحاب كروم العنب الاسرائيليين، يشرح موقع فوديز الاسرائيلي، كيفية الحصول على التأشيرات اللازمة لتشغيل الفلسطينيين في كروم العنب. ويُصرّح الدليل بأن "اليهود لا يحبون تلطّخ أياديهم، هذا واضح للجميع"، ويُصنّف العمال بحيث أن "بعد التايلاندي في سلم الهرميّة يأتي الفلسطيني". وكانت كروم العنب الصهيونيّة تمتد كلّما اشتدّت النكبة علينا، فبعد أن ضمّت "إسرائيل" الجولانَ السوريَّ المحتل إليها بشكل رسمي عام 1981، ازدهرت صناعة النبيذ الإسرائيلية بشكلٍ ملحوظ.

بحسب بحث أجرته مؤسسة "من يربح؟"، أقيم منذ الثمانينيّات وحتى اليوم على أراضي الجولان السوريّ المحتل أكثر من 14 مصنعاً للنبيذ، بما يشمل "نبيذ مرتفعات الجولان" الذي أقامته مجموعةٌ من المستوطنات الإسرائيلية، وهو مزوّد بأحدث التقنيات والآليات لصناعة النبيذ، ويُعتبر من أكبر معامل النبيذ الإسرائيليّة. منذ ذلك الحين، شكّلت المنافسة الرأسمالية ووفرة الأراضي المنهوبة محفزاً إضافيّاً لامتداد قطاع النبيذ الإسرائيليّ على الأراضي المحتلة عام 1967، فهناك أيضاً أكثر من 29 مصنعَ نبيذٍ إسرائيليّ على أراضي الضفّة الغربيّة. 

خارطة للربح

بحسب مُعطيات لعام 2019، تُنتج الشركات الإسرائيليّة حوالي 40 مليون زجاجة نبيذ سنويّاً، تُشكّل قيمتها مليار شيكل. تسيطر خمس شركات على أكثر من 80% من إنتاج النبيذ الإسرائيليّ، وتعتمد الغالبية العُظمى من الشركات الإسرائيلية على كروم العنب في أراضِ الضفّة الغربيّة والجولان السوريّ، والتي تُعتبر بموجب القانون الدولي أراضٍ محتلّة. 

اقرؤوا المزيد: الجولان السوري في مواجهة مراوح "إسرائيل".

رغم سرقة "إسرائيل" للأراضي الفلسطينيّة والسوريّة علناً، إلا أنَّ شركات النبيذ تحاول إخفاءَ تواجد كرومها على الأراضي المحتلة عام 1967. إحدى طرق الإخفاء هذه، ما يُسمى بـ "خارطة مناطق النبيذ"، والتي تُقسّم الجُغرافيا إلى خارطة بأماكن النبيذ دون تحديد للموقع الجغرافيّ الدقيق لكروم العنب. على سبيل المثال، تشمل هذه الخارطة تصنيف الجولان السوري والجليل ضمن منطقة جغرافيّة واحدة، وذلك لتفادي الإفصاح عن الكروم في الجولان. 

هكذا، تمنح "خارطة النبيذ" غطاءً بموجب القانون الإسرائيلي لإخفاء مصدر العنب، وذلك تجنباً للإحراج الدوليّ وتسهيل تسويقِهِ في السوق الغربيّ. ضمن هذه السيرورة، تضاعفت نسبةُ تصدير النبيذ الإسرائيليّ إلى الأسواق العالميّة، وأهمّها الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، بين عامي 2010 و2017. ذلك بالرغم من القرار الصادر عن الاتحاد الأوروبي عام 2015، وعن المحكمة الكنديّة عام 2019، والذي يُلزم الشركة الإسرائيليّة الإشارة إلى النبيذ المصنوع في المستوطنات المبنية على أراضي الضفّة الغربيّة والجولان السوريّ، بشكلٍ واضحٍ يُميّزه عن النبيذ المصنوع داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلة عام 1948. 3رغم الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي وكندا أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967 تشكل جريمة حرب بحسب معاهدات جنيف، إلا أنها تستمر باستيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، بما يشمل النبيذ. يبقى الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأكبر لـ "إسرائيل"، وتتعدى استثمارات الشركات والبنوك الأوروبية في "إسرائيل" والمستوطنات المائة مليار دولار. يشمل هذا التعاون الاقتصادي تصدير لمنتجات مصنوعة في الأغوار وأراضي الضفة الغربية عامة، بقيمة 300 مليون دولار سنوياً.

عُمال يقطفون العنب لصالح معصرة نبيذ إسرائيلية في الجولان السوريّ المحتل، 2020.(AFP)

 تستثمر "إسرائيل" في صناعة النبيذ وتُخصّص لها الميزانيات والإعانات المالية من قبل وزارات مختلفة، وذلك بالرغم من صغر صناعة النبيذ الإسرائيلية - بالنسبة للعالم - وجودتها الرديئة. في عام 2018 لوحده، استثمرت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية ما يُقارب الـ20 مليون شيكل في قطاع النبيذ الإسرائيلي. لكن أهمّية قطاع النبيذ الإسرائيلي تتعدى الأرباح الماديّة، إذ يُشكّل مُسكّراً تسقيه الصهيونية، محليّاً وعالميّاً، لتغييب الفلسطينيّ عن الذاكرة وزراعة "أصلانية" المستعمِر مكانه. 

مجرّد قصّة

يرتبط تاريخ النبيذ، كما يشير جوزيف مسعد، بتاريخ الاستعمار عامةً والاستعمار الاستيطانيّ خاصّةً. فمنذ أن دخلت المُستعمرات الاستيطانية أسواق النبيذ العالميّة في نهاية القرن العشرين، برز تمييز في صناعة النبيذ يُفرّق بين نبيذ "العالم الجديد" ونبيذ "العالم القديم". يشتمل الأوّل على نبيذ المستعمرات الاستيطانيّة، مثل: الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا وتشيلي وغيرها. فيما يشتمل الثاني على النبيذ الفرنسيّ والإيطاليّ والإسبانيّ والتركيّ وأصنافٍ أوروبيّة أخرى. وبينما تُشكّل الوحدة الجُغرافيّة لكروم العنب (أو ما يعرف أيضاً بـ "تيروار" (terroir) وهي حرفيّاً الأرض أو التراب في اللغة الفرنسيّة) الحجرَ الأساس في تصنيف نبيذ العالم القديم (يشتهر منها أصناف بوردو وشامبين)، فإنّ الحجر الأساس لنبيذ العالم الجديد يكون بنوعية العنب المُستخدمة في التخمير، ويُشار إليه بحسب فصيلة العنب: شاردونيه، كابارنيه، ميرلو، شيراز، وغيرها. 

تندرج صناعة النبيذ الإسرائيليّة، مثل باقي المستعمرات الاستيطانيّة، ضمن ما يسمى بـ "نبيذ العالم الجديد". ومنذ إنشاء "نبيذ الكرمل"، وصناعة النبيذ الإسرائيلية تعتمد على فصائل من العنب الأوروبي لإنتاج نبيذها. تنسجم هذه الزراعة، مع محاولة الحركة الصهيونيّة إنتاج امتدادٍ أوروبيٍّ في فلسطين. وفي الوقت ذاته، تبذل جهوداً "لاستعادة" (وهي خلقٌ بالأساس) هويّة "أصلانيّة" تعتمد على ربط الوجود الصهيونيّ في فلسطين بالوجود الدينيّ لليهود في "الأرض المقدّسة". وهذه الهويّة المُتناقضة، التي تتجلّى أيضاً في الاستخدام الإسرائيلي لعلم الآثار في بلادنا، بدأت تنعكس في قطاع النبيذ. ففي السنوات الأخيرة هناك محاولات إسرائيليّة لصناعة نبيذٍ يعتمد على فصائل "العنب الأصلانيّ" أو العنب البلديّ. وهو يشمل فصائل مثل: الجندلي، والمراوي، والدابوقي، والزيني، والبيتوني وغيرهم، ومع هذا ما زالت فصائل العنب الأوروبيّ تُشَكِّلُ المصدر الأساسي لإنتاج غالبية النبيذ الإسرائيليّ. 

اقرؤوا المزيد: الدوالي.. سيرة فلسطينيّة لورق العنب.

يقوم شيفي دروري، وهو مستوطن إسرائيلي وباحث في زراعة العنب في جامعة أريئيل المقامة على أراضِ الضفّة الغربيّة، بمحاولاتٍ مُستمرة لـ"استرجاع" النبيذ القديم "الذي شربه الملك داود ويسوع المسيح"، حسب تعبيره. "نحن نمتلك هويّة قديمة جداً، ومن المهم بالنسبة لي استرجاع هذه الهويّة"، صرّح دروري في مقابلة له مع نيويورك تايمز. يشدّد دروري، الذي بدأ بزراعة العنب عام 2005 في مستوطنة "غفاعوت"، أنَّ "القضية هي قضية فخر قوميّ".

يعمل دروري وطاقمه بتمويل من "الصندوق القوميّ لإسرائيل" (كاكال)، لتشخيص وتصنيف أنواع العنب المحليّة، ويعتمد هذا العمل على فحوصات مختبريّة بالإضافة إلى سرقة المعرفة الشفهيّة الفلسطينيّة من المُسنين الفلسطينيّين. كما يقول أحد العاملين في طاقمه: "عليك الإمساك بالمسنين (الفلسطينيين) ليدلّوك على أنواع العنب وتسميته". بينما يعمل دروري وطاقمه من دافع يمزجُ الأيديولوجية الصهيونيّة بروايةٍ دينيّة، يشير غيل شاتسبرغ، مدير مصنع "نبيذ ركناتي"، إلى استخدام الرواية الدينيّة لأهدافٍ ربحيّةٍ بحتة: "إنها مجرد قصّة. نحن نتاجر بالقصّة. [...] لليهود نقول إنّه النبيذ الذي شربه الملك داود، وللمسيحيين نقول إنّه النبيذ الذي شربه يسوع المسيح".

المستوطن شيفي دروري خلال عمله في رعاية العنب في إحدى المستوطنات في منطقة القدس. (مصدر الصورة: نيويورك تايمز).

هكذا، بعد أن حوّل المسيح الماء إلى نبيذ (حسب الاعتقاد المسيحيّ)، تحاول "إسرائيل" تحويل النبيذ إلى أداةٍ لتغييب الوجود الفلسطينيّ، والتدليل على تاريخيّة وجودها على أرضنا. تسعى "إسرائيل" إلى الاستحواذ على أصناف "العنب الأصلاني"، حتّى تصبح كروم العنب أرضاً خصبة لربط الوجود الصهيونيّ في فلسطين بالوجود الدينيّ لليهود في الأرض المقدسة، ويمسي إتقانُ صنع النبيذ الدليل القاطع للأحقية على البلاد منذ آلاف السنين.

عصرُ الفلسطينيين قبل العنب

لم تكن فلسطين، لا قديماً ولا حديثاً، خاليةً من كروم العنب ومعاصر النبيذ، تماماً كما لم تكن صحراء قاحلة، مثلما تروّج الصهيونيّة. يشهد على القديم مثلاً؛ معصرة نبيذ توجد في قصر الخليفة الأمويّ هشام بن عبد الملك في أريحا، واشتهار غزّة قبل 1500 عام بتصدير النبيذ من مينائها إلى أوروبا وشمال أفريقيا وآسيا، وكذلك بصناعتها النبيذ في حقبات قديمة بحسب شهادات رحّالة أوروبيين.4السقّا، أباهر. غزّة: التاريخ الاجتماعي تحت الاستعمار البريطاني (1917-1948). بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية. 2018. 217-218. أما الحديث فيشهد عليه معاصر ما زالت تعمل حتّى اليوم، منها: معصرة كريمزان، التي أنشئت عام 1885 بين قرية الولجة ومدينة بيت لحم، وقد كانت أوّل من استخدم فصائل العنب البلدي لإنتاج نبيذها عام 2008. 

يأخذنا ذلك إلى صناعة النبيذ المُرتبطة بنشاط العائلات الفلسطينية، المسيحيّة تحديداً، والتي ما زال بعضها محافظاً على صناعة النبيذ البيتيّ حتى اليوم. فمثلاً؛ توجد في أراضي عام 1948 معصرة نبيذ أشقر من قرية إقرث المهجرة، ونبيذ جوليا من قرية معليا، ونبيذ جاسكالا من قرية الجش. أمّا في الضفّة الغربيّة، فمعصرة الطيبة في قرية الطيبة، ومعصرة فيلوكاليا في بيت لحم.

اقرؤوا المزيد: كيف ابتلعت غابات "إسرائيل" أراضينا المُهجّرة؟

تهتمُ "إسرائيل" بصناعة النبيذ، فتؤسس المدارس لذلك. وهي من هذا الاهتمام تحاول توظيف النبيذ كدلالة على أحقّيتها في الأرض وقدم "ثقافتها" فيها، وكذلك تستفيد من مُساهمة هذه الصناعة في الاقتصاد. ومن هذا الباب، فإنّها تُعادي المُنتج الفلسطينيّ، إذ يمنع القانون الإسرائيليّ صانعي النبيذ في أراضي عام 1948 من الإشارة إلى نبيذهم كنبيذٍ فلسطينيّ. والأهم من ذلك، هو سرقة الأرض والاستيلاء على خيراتها. على سبيل المثال، صودرت أراضي قرية إقرث بعد تهجير أهلها، وبنُيت فوقها مستوطنات إسرائيليّة، مما دفع بعائلة أشقر إلى شراء عنبها بالمال من أراضٍ تتبع لقريتهم.

وفي الضفّة الغربيّة كذلك، يُسيطر الاحتلال على موارد المياه ويقيّد كمياتها على الفلسطينيين، بينما يوفّرها دون انقطاع إلى المستوطنين. وهو ما يدفع المزارعين الفلسطينيين إلى شراء المياه من الشركات الإسرائيلية بأسعارٍ باهظة، ممّا يؤثّر على زراعة العنب. ولا ترتبط الصناعة بالماء فحسب، بل أيضاً بالكلاب الإسرائيليّة: "أنا عشان أصدّر النبيذ لازم الكلاب الإسرائيلية تشم البضاعة. إذا كان مطر أو شمس والكلب ما بقدر يمشي ويشم، البضاعة بترجع وما منقدر نصدّرها"، يقول صاحب إحدى معامل النبيذ في الضفّة.

في عناقيد العنب هذه، يقطن بعضٌ من سيرة النكبة والاستعمار الصهيوني لفلسطين. إذ كلّما اتسعت الكروم الإسرائيلية، كُلّما نُهِبت أراضي الفلسطينيين. تمحي صناعة النبيذ الإسرائيلية، ضمن صناعاتٍ وسياساتٍ عدّة، الوجود الفلسطينيّ، وتعصرنا "إسرائيل" حين تعصر عنب بلادنا لتجني منه الأرباح، ولتخلق "أصلانية" مُتخيّلة لها. متسلّحةً هذه المرّة بكؤوس ودوالي، تعمل "إسرائيل" على نهش أراضينا، رشفة بعد رشفة.



12 أكتوبر 2019
أين تتعثر الكتابة؟

منذ انطلاق متراس في مايو/ أيار 2018، وبعد تجربة قصيرة شهدت الكثير من النقاشات بين محرري الموقع وبين الكتاب والصحافيّين،…

13 يناير 2019
لماذا تفشل خططنا للسنة الجديدة؟

تُشكِّلُ بداية السّنة إغراءً للبدايات ووضع الخطط وتصوّر القادم من الأيام، ومناسبةً لخطابٍ تُلقيه على نفسك بأنّ الأمور ستكون مختلفة.…