3 يوليو 2024

أشجار المستوطنات تشرب أكثر من أهالي الضفة

<strong>أشجار المستوطنات تشرب أكثر من أهالي الضفة</strong>

يقف المزارع عزام مفلح، من بلدة فروش بيت دجن شمال الضفّة الغربيّة، أمام شجرتين هزيلتين هما كُل ما بقي له بعد فناء 800 شجرة حمضيات كانت مفعمة الرائحة، وارفة الظلال عليه وعلى عائلته ومنطقته. تسبّبت الآبار الإسرائيلية التي توفّر المياه للتجمعات الاستيطانيّة القريبة في "الحمرا وميهورا" في نضوب الآبار المحليّة الفلسطينيّة، وإجبار أهالي المنطقة على زراعة محاصيل بعليّة مثل الخيار والطماطم والقرع بدلاً من الحمضيات والتمور. 

يزداد الصيف قيظاً وتأكل المزروعات الهزيلة نفسها، فيما يقلّ عدد المساكن العامرة شيئاً فشيئاً في البلدة، وهُناك في البعيد تبدو التجمعات الاستيطانية خضراء يانعة محاطةً بمزارع الحمضيات والتمور على مد البصر.

هذه نهاية الحكاية في فروش بيت دجن، بينما بدايتها تتواصل في مناطق مختلفة من الضفّة، وهي جزءٌ من حربٍ يومية تشتعل على مد الأراضي الفلسطينيّة لتحوّل حياة الفلسطينيين إلى جحيمٍ عنوانه إبادة جماعية جوعاً وقتلاً وحرقاً في قطاع غزة، وإبادة صامتة بمسننات صنابير المياه وهجمات المستوطنين على مصادر المياه في الضفّة، والنتيجة واحدة، تهجيرٌ وحرمانٌ واستيلاءٌ وهجومٌ استيطاني شامل عنوانه الفناء للفلسطينيين.

تُسلّط هذه المقالة الضوء على الإبادة المائية في الضفّة وآخر خطواتها بتقليص حصة الجنوب، والحلول الفلسطينية المطروحة ما بين إدارة الأزمة والاستجداء الدولي.

إبادة بالقطارة

في الثامن من حزيران/ يونيو الماضي، أصدرت بلدية الخليل بياناً ناشدت فيه المجتمع الدولي التدخل لحل أزمة المياه إثر تقليص شركة "مِكوروت" الحصة المائيّة لجنوب الضفّة (بيت لحم والخليل) بنسبة 35% ما يهدد  سًكان المنطقة ويعرضهم لانقطاعٍ طويل في المياه. 

يؤكد رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، في لقاءٍ معه عبر إذاعة محليّة، أن التقليص الحقيقي يزيد عن نسبة 35%، بل إن شركة "مِكوروت" أبلغت البلدية بعدها بيومين وقفها التام لإمدادات المياه حتى إشعارٍ آخر دون تبرير، وهو ما سيعمّق أزمة المياه الفلسطينية وسيترك آثاراً متعددة، أولها أزمات اقتصادية على مستوى الفرد والعائلة؛ فالمياه المخصصة للاستخدام المنزليّ التي كانت تصل كل 18-20 يوماً، ستصل بعد التقليص كل 35-50 يوماً تقريباً. كما أنّ الـ 32 ألف م3 من المياه التي كانت تُوزّع على مليون و100 ألف نسمة هم سكان الجنوب ستنخفض إلى 20 ألف م3، وهو ما سيُجبر المقتدرين من السُكان على شراء المياه عبر الصهاريج وعربات النقل المائي بكلفة تزيد عن كلفتها العادية بخمسة أضعاف، فيما سيكون ذلك مستحيلاً لما نسبته 29.7% من السكان هُناك يعيشون تحت مستوى خط الفقر1 تُقدّر قيمة المتر مكعب من المياه المعبأة في صهاريج بـ 20-25 شيكلاً لكل م3، فيما تبلغ قيمة المتر المكعب للمياه العامة 4 شواكل، كما أن سعر "التنك= صهريج الماء" بسعة 3 م3 يختلف من منطقة لأخرى، فهنالك مناطق يُباع فيها بـ 250 شيكلاً، ويصل في مناطق أخرى لـ 400 شيكل..

ثانياً؛ الأبعاد الاقتصادية الشاملة، فالتقليص الذي يستهدف جنوبَ الضفّة سيؤثر على القطاعات الزراعيّة والحيوانيّة والصناعيّة، وجميعها بحاجة لنسبٍ ثابتةٍ من المياه غير خاضعة للذبذبة أو التقليص لاستمرار إنتاجها بشكلٍ طبيعيّ، إذ تُقدّر نسبة الأراضي الزراعيّة في الخليل وبيت لحم معاً بـ(16.1%). 

أما على صعيد الثروة الحيوانيّة فتوفّر الخليل وحدها (29%) من إجمالي عدد الدجاج البياض بإنتاجٍ مقداره 85 مليون بيضة، و(30%) من إجمالي عدد الأبقار في فلسطين، و(26%) من إجمالي عدد الضأن، فيما توفّر بيت لحم (21%) من إجمالي عدد الماعز، وهو ما يعبّر عن نسبٍ معتبرة من الإنتاج اليومي الزراعيّ والحيوانيّ يُهدّد تقليص المياه دورَها في الأمن الغذائيّ الفلسطينيّ في الضفّة، وهو الأمن المتردي أصلاً بنسبة 10-12% من السُكان، فيما ترتفع نسبة انعدام الأمن الغذائيّ في الخليل وحدها لـ 32% من السُكان.

قوات الاحتلال تحرس جرافة تقوم بهدم بئر لتجميع المياه في يطا جنوب مدينة الخليل، في 23 شباط/ فبراير 2017. (تصوير: حازم بدر / وكالة الصحافة الفرنسية).

ثالثاً؛ اتساع العجز في الأمن المائي، إذ يُعزّز التقليص والمصادرة المائيّة من العجز المائيّ الفلسطينيّ والناجم أساساً عن عاملين يتزايد تأثيرهما سنويّاً؛ أولها عامل الطبيعة والمناخ فالمحافظات الجنوبيّة هي الأكثر جفافاً والأفقر في نسبة هطول المياه وتجمعها وبالتالي فإن اعتمادها العالي على المياه الجوفية محدود، نظراً لعدم تجددها في ظلّ قلّة الأمطار. وتتوافر في محافظة الخليل 89 بئراً و63 نبعاً، وفي محافظة بيت لحم 32 بئراً و31 نبعاً، يتناقص السحب منها بفعل قلّة الهطول، ونظراً لنوعية المياه (زيادة الترسبات والملوحة). 

كما لم يسمح الاحتلال بتأسيس شبكة توصيل تُساهم في نقل المياه بين المناطق المروية والجافة، ما يضطر المحافظات لشراء كميات مضاعفة من دائرة المياه الإسرائيلية وشركة مِكوروت اللتين تسيطران في منطقة جنوب الضفة على كلٍ من (آبار هيروديون الـخمس، وآبار شديما الأول والثاني) ذات الإنتاجية العالية.

أما العامل الثاني فهو الاستيطان بمساحاتِهِ الهائلة ومناطقه الصناعيّة الشاسعة وبأعداد المستوطنين الكبيرة، وجميعها عوامل تؤثِّر على مختلف المحافظات الفلسطينيّة وتتسبب في الاستيلاء المتزايد على مصادر المياه الفلسطينيّة، وتحويل حصص كبيرة ومضاعفة للمستوطنين على حساب الفلسطينيين. 

لكن ذلك أكثر حساسيةً في المحافظات الجنوبيّة، ففي محافظة بيت لحم يسيطر الاحتلال على ما مساحته 10307 دونمات، عليها 16 مستوطنة، إضافة لمنطقتين صناعيتين تبلغ مساحتهما 44 دونماً، وموقعين عسكريين يحتلان 133 دونماً. أما في محافظة الخليل فهناك 21 مستوطنة بمساحة كلية مقدارها 8560 دونماً، إضافةً لعشر بؤر استيطانية أخرى مساحتها 564 دونماً، وسبعة مواقع عسكرية بمساحة 704 دونمات، وأربع مناطق بمساحةٍ قدرها 422 دونماً.

مستوطنون يسبحون في نبع العوجا بالقرب من أريحا، في 24 حزيران/ يونيو 2020، بينما يمنع أهالي المنطقة من الشرب من النبع أو استغلاله. (تصوير: أمير ليفي/ غيتي إيماجز)

بالمحصلة، فإنّ الهدف هو خنق الفلسطينيين والدفع نحو تهجيرهم بشكلٍ ممنهجٍ. يبدأ ذلك من التجمعات السُكانية المعتمدة بشكلٍ كامل على "ميكروت"، وتشي بذلك سلسلة التخفيضات الممنهجة لحصص الفلسطينيين على مدى الأعوام 2004، 2007، 2015،  2016، 2021، 2023، 2024، والتي طالت جميع مناطق الضفة الغربية وبنسبٍ مختلفة تتراوح في المجمل ما بين 30%-50%، بدءاً من الشمال في جنين ونابلس وسلفيت وقلقيلية وطوباس وطولكرم التي عانت في بعض السنوات انقطاعاً كاملاً جاوز الأسبوعين، مروراً بالأحياء المقدسيّة وراء الجدار الواقعة ضمن نفوذ بلدية الاحتلال، أي كفر عقب ومخيم شعفاط، وكذلك رام الله التي وصلت فيها نسب التقليص لـ50%، والأغوار وأريحا التي صادر الاحتلال جميع مصادر مياهها السطحية والجوفية، وانتهاءً بالمحافظات الجنوبية بيت لحم والخليل التي أضحى التقليص سياسة معتادة لها طوال العام يرتفع صيفاً بنسبٍ تتجاوز الـ 30%. وجميع ذلك يقع ضمن سياسة رسمية استيطانية توفر المياه للمستوطنين عند الطلب، فيما تبيعها للفلسطينيين وفقاً لحصصٍ  محددة مقابل زيادة حصة المستوطنين في الضفّة 7 أضعاف عن الفلسطينيين2تتباين تقديرات الفرق في الحصص بين المستوطنين والفلسطينيين تبعاً لاختلاف المنطقة الجغرافية والحالة المائية السنوية المرتبطة بالمطر والتبخر، ففي شمال الضفة تُقدر بـ 3 أضعاف، نتيجة لتوفر خزانات مياه جوفية، أما في جنوبها فيرتفع فرق الحصص إلى 7 نتيجة الفقر المائي في المنطقة، وفي الأغوار والتجمعات البدوية ترتفع النسبة إلى 10، في عام 2007 أكدت احصائيات جهاز الإحصاء الفلسطيني أن الفرق هو 9 أضعاف، ثم ارتفع عام 2020 إلى 10.

حِصار الأوامر العسكرية

هذه السياسية التي تبدو كُل عامٍ وكأنها وليدة صيفِهِ، هي امتدادٌ لسلسةِ أوامر عسكرية أُصدرت بُعيد حرب عام 1967 تنص على مراقبة قوانين المياه، وتحويل ملكية مصادر المياه جميعها إلى دولة الاحتلال، ونقل صلاحيات دائرة المياه الأردنية إلى القائد العسكري الإسرائيلي، وعدم حفر أو فتح أو إصلاح أي منشآت مائية إلا بترخيص من الإدارة المدنية. ثم جاء الأمر 1015 عام 1982 الذي فرض على المزارعين الفلسطينيين الحصول على إذن السلطات الإسرائيلية قبل الإقدام على زراعة أي نوعٍ من المزروعات بحجة الحفاظ على الثروة المائية.

مروراً باتفاقية أوسلو التي رسّخت سلطةَ الاحتلال على المصادر المائيّة الفلسطينيّة، وحرمت الفلسطينيين من إنشاء شبكة مياه إقليمية خاصّةٍ بهم متصلة بين قواطع الضفة ومدنها، كما مهّدت لاعتبار شركة مِكوروت مزوِّداً مائيّاً رئيسيّاً للفلسطينيين في الضفّة، لترتفع الاعتمادية المائيّة عليها من 50 مليون م3 لأكثر من 98.8 مليون م3 عام 20223نسبة شراء المياه من شركة "مِكوروت" للاستخدام المنزلي "تصل لـ 55%، بمعدل 75–80 مليون متر مكعب سنوياً للضفة الغربية من أصل 128 مليون حجم الاستهلاك السنوي، أي ما نسبته 60% من المياه الصالحة للشرب.. 

كما نصّت اتفاقية أوسلو على تخصيص 80% من موارد المياه الجوفيّة للاستخدام الإسرائيليّ، وتخصيص العشرين بالمئة المتبقّية للفلسطينيين، وفقًا لمذهبٍ استعماري عِماده "ما هو لنا فهو لنا، أمّا ما هو لكم فهو لنا أيضاً".

راعي فلسطيني يملأ حوضاً بالمياه التي تم جمعها من بئر في قرية تقوعة جنوب شرق بيت لحم، في 5 نيسان/ أبريل 2014، وذلك بسبب حرمان الاحتلال أهالي المنطقة من إمدادات المياه الرئيسية، ما أجبرهم الاعتماد على الينابيع ومياه الأمطار المخزنة والمياه المباعة من الشاحنات الصهريجية، وهي مكلفة للغاية. (تصوير: موسى الشاعر/ وكالة الصحافة الفرنسية).

يقول خبير بيانات المياه عمرو الواوي بأن الفلسطيني يدفع اليوم ثمن اتفاقيات أوسلو وغياب أي تفكير استراتيجي حول المياه في تفاصيلها. وقد تكرّس ذلك بإنشاء ما يُسمّى "لجنة المياه المشتركة" مع الاحتلال التي تركت مفتاحَ تطوير المياه بيد أجهزته وإدارته المدنية ومجالس المستوطنات4 كمثال على تكريس لجنة المياه المشتركة لسلطة الاحتلال المائية فعام 2008، وافقت اللجنة على 65 مشروعاً فقط من أصل 202 مشروع حفر آبار (إمدادات المياه)، وتم تنفيذ 38 منها فقط بعد الحصول على موافقة السلطة المحلية الإسرائيلية. يُذكر أنّ أعمال اللجنة توقفت عام 2010، بسبب اشتراط الاحتلال لموافقته على المشاريع الفلسطينية موافقة الفلسطينيين على مشاريع المستعمرات في الضفة، ثم استكملت أعمالها عام 2017.. كما حدّدت للفلسطينيين حصةً مائيّةً ثابتةً قدّرتها اتفاقية أوسلو بـ 118 مليــون م3، ولم تتغير منذ ذلك الوقت بالرغم من زيادة عدد السكان.

وعلى المستوى اليومي الميداني، يواصل الاحتلال إصدار الأوامر العسكرية لتُضاف إلى 58 أمراً عسكرياً بخصوص المياه، منها ما يحوّل مصادر المياه لملكية المستوطنات القريبة عبر مد خطوط مياه بين أراضي الفلسطينيين نحوها5خطوط المياه هذه هي جزء من مشروع شركة مِكوورت لمد خط مياه ناقل يبدأ في الداخل المحتل ويمر من قرى وبلدات شمال الضفة، ليغذي المستوطنات المقامة في شمال الضفة بالمياه، في خطوة تنفيذية تمهد لإعلان حكومة الاحتلال الضم الفعلي.، ومنها ما يشرعن إقامة مرافق سياحية ومقامات دينية ومناطق عسكرية مغلقة على تجمعات المياه في مختلف مناطق الضفة، لينتُج عنها استيلاء الاحتلال على أكثر من 300 نبع طبيعي، و500 بئر ارتوازي، ناهيك عن 54 بئراً إضافياً استولت عليها "ميكروت" بعد بناء الجدار الفاصل تشكل نسبتها 15% من مجموع الآبار الجوفية الفلسطينية. فيما طوعت قوات الاحتلال أوامرها لردم آبار تجميع المياه والاستيلاء على ما يقارب  85% من المياه الفلسطينية في الضفة وخاصة خزانات المياه الجوفية.

قطع المياه قادم..

"نحن مقدمون على كارثة وليس مجرد أزمة" هذا ما قاله رئيس بلدية الخليل حين عدّد خطوات "إدارة الأزمة" ما بين مخاطبة البلديات والمجتمع الدولي ورئاسة الوزراء وسلطة المياه الفلسطينية والشؤون المدنية، ومخاطبة كل الجهات وعمل لقاءات جماهيرية موسعة. ورغم هذه الخطوات يُعيد التأكيد أن ما يمكن هو "معالجة آثار" المشكلة لا حلها، خاصّةً وأن القرار سياسي ويرتبط بسياسة أكبر تهدف لضمّ وتهجير الضفّة الغربية.

بشكل عام ترتبط الجهود الفعالة والحقيقية إما بالبلديات "بعضها" أو بالمؤسسات غير الحكومية، أما المستوى السياسي والرسمي من السلطة الفلسطينية فقد سلّم نفسه لسكين الجزار، وذلك بعد فشل حلوله التي كان آخرها إنشاء إطار رسمي آخر للمياه هو الشركة الوطنية للمياه، التي يصف رئيس سلطة المياه الفلسطينية سابقاً شداد عتيلي إنشاءها  بـ"المتأخر"، لا سيما وأنه جاء بعد قرارٍ رئاسي عام 1995 بإنشاء سلطة المياه، وقرار آخر عام 2014 لتطوير مصادر المياه، فيما يُعدد العتيلي مهامها التي تأتي في سياق التبعية للاحتلال وإدارة الأزمة باتجاه خدماتي بحت يتجاوز المتسبب الرئيسي في الأزمة ذاتها، مثل تحسين الجباية، وخفض الاستنزاف المالي من المقاصة ثمناً للمياه، وتحديد أسعار تعرفة المياه، وغير ذلك.

مستوطن يسرق المياه من بئر على أراضي قرية حلحول شمال الخليل، في 1 آب/ أغسطس 2023. (تصوير حازم بدر / وكالة فرانس برس).

أما بالنسبة للجهود الشعبيّة، فيُشير الخبير عمرو الواوي، في مقابلة مع متراس، إلى أهميتها في ظلّ ضعف التحرك الرسمي والذي يصل إلى حد التخلي حتى عن الضغط السياسي. ويؤكد الواوي أن الاحتلال مقدمٌ ولا شك على قطع مياهٍ دائمٍ في الضفة الغربية مشابهٍ لما أقدم عليه عقب انطلاق معركة طوفان الأقصى في قطاع غزة، وأنّ الاستعداد الشعبي لذلك ضروري بتفعيل الوسائل التقنية لجمع المياه، وخاصةً من خلال الآبار ومشاريع الجمع المتاحة في القرى والبلدات، والضغط على البلديات في المدن لتطوير آليات تَزوّدٍ بالمياه تُمكّن الناس من النجاة ولو بالحد الأدنى، وتقليل التداخل مع الاحتلال على المستويات الحيوية مثل المياه والكهرباء.

وفي هذا الإطار، هناك دورات تدريبية حول إدارة المياه تنظمها المؤسسات الأهلية، مثل اتحاد لجان العمل الزراعي، والتي تستهدف المزارعين وتمكنهم من الاستفادة من مصادر المياه الطبيعية وتحسين عمليات الحصاد المائي.

إن آخر ما بقي في القوس من رماح، هو الرهان على الجهد الشعبي والعمل المؤسساتي في تفعيل جبهة المياه ودق ناقوس الخطر بعنف أمام مستقبل الفلسطينيين، وهو ما يستلزم فعلاً جماهيريّاً، يستعيد السيطرة الفلسطينية على ينابيع المياه وعيون البلدات وآبارها، ويستثمر في تحدي سياسة الأمر الواقع ويحاول بناء بدائل مستدامة، وصولاً إلى استعادة أكبر تطال كل ما استلبه الاحتلال.