عجوز في سنّ الثمانين يجلس على عتبة الرحيل وفي قلبه أمنية واحدة: أن يتمكّن، ولو لمرةٍ واحدةٍ، من التواصل مع ابنته. يعرف العجوز أنّ الأمنية باتت عبثيّة، وأنّ الوقت لإصلاح الأمر قد فات. لكنّه، رغم ذلك، يطلب أن يبقى بابُ غرفته في بيت العجزة مفتوحاً على الأروقة.
يجهّز العجوزُ موته؛ لا يُريد أن يُدفن تحت التراب ولا أن يُحرق جثمانه. يقول إنّها أفعال "نهائيّة". لكنّه يُريد أن يُسجّى في تابوتٍ يُدخل في خانةٍ مربّعةٍ أعلى حائطٍ مرتفعٍ داخل عمارة. فهو يعتقد بأنّها طريقة تُبقي على إمكانيّةٍ ما بألّا ينتهي الأمر تماماً. "ستكون ميّتاً، إنما لا يكون الأمر نهائيّاً إلى هذا الحدّ". ينظر العجوز إلى حائطٍ مرتفعٍ، يختار الخانة المربّعة التي سيُدخَل إليها جثمانه: المربّع رقم 1948.
ليست هذه التفاصيل مجرّد خاتمةٍ لحياة فرانك شيران في "The Irishman"- الإيرلندي، إنما هي خاتمة المرافعة في التماس المُخرج مارتن سكورسيزي Martin Scorsese للخلود في تاريخ الفنون. وليست الخانة "1948" مجرّد رقمٍ عشوائيّ لموضع الدفن، إنما هو العام الذي عُرض فيه أحد الأفلام الأولى التي شاهدها الطفل مارتن سكورسيزي في حياته: "The Red Shoes" - الحذاء الأحمر.
عودة إلى "الحذاء الأحمر"
استحوذ هذا الفيلم على طفولة سكورسيزي وحياته، ويصفه المخرج الأميركيّ بكلماتٍ من قبيل: "الفيلم الذي يلعب في قلبي". يكرّر سكورسيزي التطرّق إلى "الحذاء الأحمر"، ويؤكّد على تأثر جيل كاملٍ من السينمائيين بهذا العمل، منهم ستيفن سبيلبرغ، براين دي بالما، وفرنسيس فورد كوبولا. حتّى أنّ مؤسسته استعادت نسخةً من الفيلم وعُرض في العام 2009 ضمن مهرجان كان، وأدير نقاش بمشاركة سينمائيين كبار حول هذا العمل التاريخيّ.
"الحذاء الأحمر" هو فيلم بريطانيّ لمايكل بويل Michael Powell وإيميريك بريسبرغ Emeric Pressburger. يحكي قصّة فيكتوريا بيج Victoria Page، وهي راقصة باليه يمزّقها صراعٌ بين الفنّ والحب المتمثّلين برجلين اثنين؛ الأوّل مخرج وقائد فرقة الباليه المهووس بالعمل الفنيّ والذي يطلب من فيكتوريا تفانياً مُطلقاً لحياة الفن. والثاني مُلحّن دُعي لتلحين عمل الفرقة الجديد فوقعت فيكتوريا في حُبّه ثم تركت فرقة الباليه لأجل الزواج منه. "دوّامة سيكولوجيّة من الشغف تبتلع حياة وأرواح الشخصيّات،" يصفه سكورسيزي في إحدى مقابلاته. يصوّر الفيلم قوّة الرغبة الفنيّة المهولة، والسواد المرعب في عمق نفس الفنّان. يصوّر روح الفنّ بشكلٍ شيطانيّ يؤدّي للهلاك وإهدار النفس لصالح سموّ العمل الفنيّ. هذا هو "الليل المعتم للروح" (وهو العنوان الأصليّ لفيلم "Silence") الذي يبحث عنه سكورسيزي في أفلامه. هذا النداء الأسود الذي "يعرّضك أنت ومن حولك للخطر".
يُعبّر سكورسيزي عن سوداويّة الهوس بالفن من خلال أفلام العصابات التي رسم أهمّ ملامحها. وباتت الجريمة مرادفاً للعمل الفنّي. أي أنّه اتّخذ من أفلام المافيا الإيطاليّة ملعباً للمراكمة على تاريخٍ بديعٍ من بحث الرغبة والشهوة للجمال. هذه مراكمة على موروث "دون جوفاني" في القرن الثامن عشر، أو "حكايات هوفمان" في القرن التاسع عشر، أو "الحذاء الأحمر" ثم "الحياة المزدوجة لفيرونيك" في القرن العشرين، وما لا حصر له من الأمثلة في كلّ زمن...
الراقصة فيكتوريا بيج حاضرة في شخصيّة فرانك شيران. ومثلما تخوض صراعاً نفسيّاً بين رجُلين محوريين، كذلك يخوضه فرانك شيران. واحد يتّسم بصلابةٍ ورزانةٍ ويهب حياته لصنعته، وبإرشاده يصنع شيران مجده. وآخر يتعرّف إليه ويبحث معه وعنده عن شيء آخر، عن حُبٍ أو صدقٍ أو أمانٍ أو... عائلة.
ولعلّ التأمّل في العنوان الثاني للفيلم "I Heard You Paint Houses" (سمعت أنّك تطلي البيوت)، يحمل تناقضات هذه الشخصيّة وهمّها. بين ما توحي به الجملة حرفياً من اهتمامٍ حميميّ ودود بالبيت، وبين المقصود منه فعلياً: طلاء جدران البيوت بدم الضحايا.
محاكمة "العرّاب"
في العام 1970 نفخ فرنسيس فورد كوبولا الروح بأفلام المافيا حين قدّم "The Godfather" للعالم. ومن نافل القول أن الثيمة المركزيّة لهذا الفيلم كانت العائلة. وقد حافظت هذه المسألة على مكانة مركزيّة في أفلام المافيا، وقدّم سكورسيزي حصّته لهذه الثيمة في "The Goodfellas" تحديداً.
لكنّ العودة إلى هذه الثيمة في "The Irishman" تحمل معها محاكمةً لمنظور "العرّاب" الذي يعتبر العائلة النواة الصّلبة المقدّسة للتنظيم. يحرّم العرّاب تفكّك العائلة، ويرى في ذلك انهياراً لروابط الدم وفتحاً لأبواب الخيانات وانهيار المافيا. أما في العمل الذي أمامنا فتُصبح حياة الجريمة النقيض التام للأمن والسلام العائليّ، وتستحيل هدامةً بالضرورة لعلاقات الآباء بأبنائهم.
تتساوى عند سكورسيزي حياة المافيا بحياة الفن. في كلاهما تُهدَر العائلة في سبيل الرغّبة والتوق للذةٍ أو لفنٍ أو لجريمة. وتصبح عودة العائلة إلى ما كانت عليه مستحيلة. ومن بعد ذلك يأتي الانتقام التراجيديّ حين يحاول فيه البطل، بشكلٍ عبثيّ، أن يسترد العائلة. ليست العائلة هي التي تنتقم مباشرةً، إنما تَجَسُّد غيابها هو الذي ينتقم ويؤدّي إلى هلاك البطل: مثل "دون جيوفاني" الذي قتل الكومنداتور في الفصل الأوّل ليحظى بجسد ابنته، ثم في الفصل الأخير يعود تمثال الكومنداتور الحجريّ، الشاهد على موته، ليبتلع دون جيوفاني تحت الأرض ويُجهز عليه. أو "الحذاء الأحمر" حين تعود فيكتوريا في اللحظة الأخيرة إلى زوجها، لكنّه تلقى حتفها تحت القطار الذي سيرحل فيه الزوج. في "الإيرلنديّ" أيضاً، تتسبّب العائلة الغائبة، متمثلةً بغياب الابنة "بيغي"، بالضربة الوحيد الذي بوسعها أن تقتل قاتلًا محترفًا: الندم.
جوهريّة الندم والتوق للسماح تُعطي الفيلم بُعداً ختامياً لمسيرةٍ سينمائيّة شاركت في صياغة ملامح الجانرَ الفنيّ الدمويّ هذا. تجعل الفيلم مُشرفاً على الماضي، وعودة تكشف وتلخّص وتعتذر، وتطلب أن تُغلق دائرة هذا النوع السينمائيّ. أن تكتب ختامه. ولا بد هنا من مقاربة هذا العمل مع "Unforgiven" لكلينت إستوود، الذي جاء ليقدّم محاكمة ختاميّة لأفلام الـ Westerns. يُحاكم ذكوريّتها، يحمل الندم والاعتذار، ويؤجج الصراع بين الوفاء للعائلة والحبّ، مقابل الشهوانيّة اتجاه الدم.
صوت الأب، عين الابنة
يحيط الفيلم بالصراع بين الأب وابنته بواسطة إعطاء كل طرفٍ من بينهما "سلاحه" السينمائيّ الخاص. يتحوّل الفيلم رقصةً غاية في الحساسيّة والعنف معاً، بين الصوت والمنظور. من جهة، يضخ روبيرت دي نيرو كمًّا هائلاً (بل متعباً) من الكلام. بات رجل المافيا السكوت عجوزاً ثرثاراً، لكنّه يمتلك سرد الرواية بكامل تفاصيلها المنفلتة والتي تتشتت وتسترسل بعيداً عن العامود الفقريّ للحبكة. يُعطي المخرج الشخصيّة سلاح الـvoice-over، صوت الأب المُجرم الذي يحكم الفيلم ويهيمن عليه، وهي الأداة التي أتقنها سكورسيزي ببراعة وكانت إحدى ميّزات مسيرته.
أما ابنته "بيغي" (آنّا باكوين) فإن سلاحها نظرتها، تحديقها الصامت العنيد الذي يتوارى لفترات طويلة ولا يظهر على طول الفيلم مثل صوت والدها. لكنّه يعود في مواقع محدّدة جداً، هي مفاصل الدراما التي يتغيّر فيها فرانك شيران. بالتالي فهي تظهر لتحكم مفاصل الحبكة وتكون شاهداً على تغيّر والدها.
وُلِدت بيغي، وفي مشهد عمّادها في الكنيسة حدّقنا عميقاً في عينيها، ومع ولادة بيغي تولد قصّة الأب. في نهاية صلاة العمّاد ينطق الحاضرون "آمين"، ومع أصواتهم ننتقل إلى المشهد الأوّل الذي ينفّذ فيه الأب السرقة الأولى لصالح رجال المافيا. لقد وُجدت شخصيّة الأب من قوّة نظر ابنتها، من قوة المشاهدة. هكذا مثلاً، شاهدت بيغي والدها في غرفته من خلال الباب الموارب وهو يدس مسدّس الجريمة في ثيابه. يبدأ موت الأب عندما تتوقّف ابنته عن مشاهدته، تذبل شخصيّته وتصل إلى ختامها، وليس أمامه في حضيض انكساره في بيت العجزة إلا أن يطلب أن يبقى الباب موارباً – لعلّها تنظر إليه من جديد.
تكره الابنة راسل بافيلينو (جو بيتشي) الذي يجسّد فيه سكورسيزي كل الصفات التي وضعها فرنسيس كوبولا للعرّاب. تنظر بيغي إلى راسل بافيلينو لأوّل مرّة حين يكون عرّاباً لأختها الصغرى يوم عمّادها. ترى فيه مصدر الشر الذي يسحب والدها، وتكنّ له الضغينة على طول الفيلم. يولّد هذا أزمةً لدى راسل بافيلينو، إذ أن جزءاً لا يتجزّأ من صفاته العرّابيّة هوسه الشديد بالحفاظ على الأواصر العائليّة. ولذلك فهو يسعى طوال الفيلم إلى التقرّب من الطفلة التي ترفضه. ويبقى هذا فشله الضارب، والثغرة الأخطر في حصن العائلة/التنظيم.
في مشهد ليلة عيد الميلاد، يقدّم سكورسيزي تحيةً إلى فيلمين تاريخيين معاً، الأوّل "الحذاء الأحمر" المذكور أعلاه، أما الثاني فهو "Citizen Kane" لأورسون ويلز. يحكي الفيلم قصّة تشارلز كاين الذي ينفصل عن والديه في طفولته، ويتبنّاه رجل صاحب ثروةٍ هائلةٍ. في أحد المشاهد الخالدة في تاريخ السينما، نرى أب تشارلز وأمّه يجلسان في البيت مع محامي الرجل الثريّ ويوقّعان أوراق التبنّي. خلفهما نافذةُ يظهر منها الطفل تشارلز يلعب في الثلج على مزلاجٍ. حين يخرج المحامي لاصطحاب الطفل بعيداً عن والديه، يرفض الطفل ترك أمّه، ويتصدّى للمحامي مستخدماً المزلاج. في مشهد ليلة عيد الميلاد في "The Irishman" يُقدم راسل بافيلينو هديةً لبيغي: حذاء تزلّج على الجليد.
مقابل بافيلينو، يعبّر جيمي هوفا (آل باتشينو) عن العائلة التي تستطيع بيغي أن تفخر بها وتحكي عنها أمام زملائها في المدرسة. رجل تلقائيّ مُحب هوايته أكل البوظة. في اللحظة التي يُقتل بها هوفا، تُقتل العائلة. هذه هي اللحظة التي ينكسر فيها الأب إلى غير رجعة، يفقد نظرة ابنته -أي يموت- إلى الأبد.
بحث عن الخلود
يُعلن سكورسيزي في ختام حياته موت الجانر، لكنّه بالحقيقة يُريد أن يُبقي الباب مفتوحاً. يريد لذاته، لفنّه، احتمال أن يكون مُشاهَداً بعد موته. لذلك يُبقي الباب موارباً ينتظر الأجيال أن لتأتي بعد موته. يُبقي سكورسيزي الباب مفتوحاً بمفهومين:
يُبقي الباب مفتوحاً للابنة بتعبيرها الاجتماعيّ السياسيّ. إنه يحاكي الأجيال الجديدة باعترافٍ بالمسؤوليّة اتجاه الكارثة السياسيّة والاجتماعيّة التي يعيشها الجيل الجديد. تتشابك أحداث الفيلم من بدايته حتّى نهايته مع سيرة السياسة الأميركيّة التي حُكِمَت بمنطق راسل بافيلينو على جميع الأصعدة؛ من تدخّل المافيا بسياسة البلاد العليا، إلى الذكوريّة المهيمنة على الرواية والتهميش الكامل لصوت النساء، إلى قتل القيادة العمّالية وتدمير النقابات لصالح الشركات الكبرى، وما يحيله هذا من تدمير منهجيّ لكافّة الميّزات اليساريّة التي حاولت النهوض في الولايات المتّحدة في القرن العشرين. وفوق هذا كلّه؛ شكّل منطق بافيلينو، بواسطة أفلامه الخالدة، عموداً مركزياً في الثقافة الشعبيّة الأميركيّة.
أما المفهوم الآخر فيقدّم للابنة، للجيل الجديد، تعبيراً تكنولوجيّاً.
يستخدم هذا الفيلم التقنيات الحديثة استخداماً ثوريّاً. وهو ليس استخداماً مُساعِداً بقدر ما أنّه مدماك أساسيّ للقرارات الفنيّة التي تحكم الفيلم جذريّاً. مثل القرار الجوهريّ بأن يؤدّي الممثلون المسنّون أدوارهم في سنوات الشباب، باستخدامٍ واسعٍ لتقنيّات إنتاج الصورة المحوسب. أو توظيف مستويات تكنولوجيّا عالية التمكّن وبالغة التحكّم بإنتاج الألوان، تُذكّر بما اشتهر فيه فيلم "الحذاء الأحمر" من قدرات استخدام عالية للـ Technicolor في حينه.
ولكن الأساس التكنولوجيّ الأهم في بناء هذا الفيلم هو خيار إنتاج الفيلم في "نتفليكس". أنتج سكورسيزي فيلماً لجيل جديد من المشاهدين؛ جيل تُستبدل به تجربة المشاهدة الجماعيّة في صالة السينما بتجربة مشاهدةٍ فرديّة في صالة البيت. أنتج فيلماً مبنياً لمشاهدٍ يجلس على الأريكة، ويستطيع أن يوقف الفيلم متى يشاء ليمتص صدمةٍ ما، ليفكّر بحدثٍ ما ويربطه بحدثٍ سابقٍ، ليذهب إلى المرحاض، أن يعود بضعة مشاهد للوراء ليفهم تفصيلاً قيل بسرعةٍ شديدة. أن ينام في وسط الفيلم ويُكمل مشاهدته في اليوم التالي. هذا المُشاهِد الجديد هو منتوج طريقٍ تكنولوجيّ طويل نحو إغلاق صالة العرض. بدءاً من أشرطة الفيديو (VCR) وصولاً إلى "نتفليكس". صارت ممارسة المشاهدة السينمائيّة أقرب إلى قراءة الكتاب منها إلى مشاهدة المسرحيّة. وهذا الاختلاف تحديداً هو الذي يسمح للفيلم أن يتقرّب من الأدب. لهذا، بموازاة الدراما، يهدر صوت روبيرت دي نيرو في voice-over يستمر طوال الفيلم دون توقّف؛ إنّه يسرد رواية بصوتٍ مرتفعٍ. بما يحمله ذلك ويسمحه من تقافز أدبيٍّ حدسيّ بين الأحداث أو المعلومات، أو سيل وعيّ عاطفيّ يلامس الشعر، مثلاً في جملة: what kind of man makes a phone call like that?
اقرأ/ي المزيد: "نِتفليكس.. عرسُ دمٍ في جنازة التلفزيون".
حين يتجهّز العجوز روبيرت دي نيرو لموته، يقف في مبنى الدفن، وينظر إلى حائطٍ مرتفعٍ فيه خانات مربّعة توضع بها التوابيت. يقف أمامها ويحاول أن يختار منها واحداً ليُدفن فيه بعد موته. فالدفن هنا، بخلاف الأرض أو الحرق، قد لا يكون نهائياً تماماً. قد يكون فيه مجال ليخرج من قبره – أن يعيش من جديد في هذه الأروقة، أن تراه ابنته.
شكلياً، يتشابه حائط الدفن هذا بشكلٍ صادمٍ مع الصفحة الأولى لنتفليكس. تلك الصفحة الطويلة الممتلئة بمربّعات ومربّعات من عناوين الأفلام التي أنتجها أناس يحلمون بأن يعيش فنّهم في وقت ما. أما نحن، جيلنا والأجيال القادمة، فنجلس أمام هذه الصفحة ونحاول أن نختار منها واحداً نشاهده، واحداً نعيده للحياة. هنا، في مدفن نتفليكس العظيم، يريد مارتن سكورسيزي أن يُدفَن، وأن تختاره الأجيال لتشاهده، لعلّه يخلد في تاريخ الفنون.