7 نوفمبر 2022

يامن فرج.. "ما بتصاوب، بستشهد!"

يامن فرج.. "ما بتصاوب، بستشهد!"

في خضم الانتفاضة الثانية، وتحديداً في حزيران/ يونيو 2004، في حفل تأبين الشهيد نايف أبو شرخ، القائد البارز في كتائب شهداء الأقصى، جاء دور كلمة كتائب المقاومة الفلسطينية: كتائب أبو علي مصطفى، والأقصى، والمقاومة الوطنية، وعزّ الدين القسام، وسرايا القدس. تناول مكبّر الصوت شابٌ يرتدي لباساً رياضيّاً، دَخَل ساحة التأبين متقدِّماً مجموعةً من المسلّحين، وتلا كلمة التأبين باسم جميع الأذرع العسكرية. كان ذلك يامن فرج، القائد العام "لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الذراع العسكريّ "للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، من أجمعت عليه كل الأذرع العسكرية، ليتحدث باسمها.

أكدّ يامن في كلمته أنّ المقاومة ستزيدُ من ضرباتها للعدو، ووجّه رسالةً للسلطة الفلسطينية قال فيها: "آن لكم أن تنحازوا لشعبكم ولدماءِ شهدائكم، بدلاً من الهرولة خلف مصالحكم والرهان على بوش وشارون، أما نحن في كتائب المقاومة الفلسطينيّة كافة، نقول بأنّ ردنا قادم وسنُثبت للعالم، ولكم يا أهلنا الصامدين، بأن مقاومتكم ما زالت بألف خير".

وقفة في جامعة النجاح عام 1999. يظهر الشهيد يامن فرج أقصى يمين الصورة وبجانبه الشهيد قيس عدوان.

كانت تلك آخر طلّة ليامن فرج ونائبه في الكتائب أمجد مليطات. هكذا قال الناس: "عندما رأيناه قلنا بأنه يعدّ أيامه الأخيرة، خاصّةً أنّ الاحتلال اغتال ثلاثة من المقاتلين الكبار في نابلس". ففي السادس والعشرين من حزيران/ يونيو 2004، استشهد أبو شرخ قائد كتائب الأقصى، وفادي البحتي (الشيخ إبراهيم) قائد سرايا القدس، وجعفر المصري قائد كتائب القسام، بعد اشتباك مع قوات الاحتلال ومحاصرتهم داخل نفق في البلدة القديمة في نابلس. لم تمضِ سوى أيام قليلة، ليندلعَ اشتباكٌ جديد، وكما توّقع المقرّبون فقد كان يامن وأمجد هما من يخوضان الاشتباك، ليرتقيا بعد أربع ساعات من المعركة. في هذا المقال نحاول تتبع سيرة الشهيد يامن.

الفتى الذي انقلب على أوسلو

كانت عائلة "أبو حسام" تُتابع مسلسلاً بطله فدائيٌّ مُطارد من المحتل الفرنسيّ، اسمه يامن. وربما لعب ذلك دوراً في قرار أبو حسام تسمية مولوده الثالث بهذا الاسم عندما وُلِد في الرابع عشر من آب/ أغسطس عام 1978 في أحد مشافي مدينة نابلس. كانت العائلة في ذلك الوقت تسكن مدينة الزرقاء في الأردن، لكن والدة يامن زارت فلسطين قبيل ولادتها بفترة، فجاء نصيبه أن يُولد في المدينة التي سيستشهد فيها لاحقاً. بعد فترة عادت العائلة من الأردن واستقرّت في قرية مادما، جنوب نابلس. 

كبر يامن صاحب البشرة القمحية والطلة المبتسمة دوماً في مادما على ما تبقى من انتفاضة الحجارة، وقد كان طفلاً يتابع ما يجري في البلاد، وما بثّته اتفاقية أوسلو من إحباطٍ بعد انتهاء الانتفاضة. لكنّه كان ممن لم يفقدوا الأمل. يقول هشام، شقيق يامن: "خرج في قريتنا جيلٌ فتي، لم يُحبط كما بقية الناس، وبدأوا بتشكيل مجموعاتٍ وطنية تنتمي للجبهة الشعبية، تخرج في الليل وتكتب الشعارات الوطنية على الجدران، وكان يامن من بينهم، كما ابتكر فكرة نشرةٍ شهريّة باسم (الشرارة)، يكتب فيها ورفاقه في مسائل وطنية واجتماعيّة في القرية، وقال إنَّ الاسم جاء أملاً في أن تكون تلك النشرة الشرارة التي تخرج من بين الرماد لِتُشعل الانتفاضة من جديد".

وقد كان يامن منذ صغره مولعاً بالقراءة، يذهب خصيصاً للمدينة لإحضار الجريدة ويقرأها من صفحتها الأولى حتى الأخيرة، ولا تفارقه الكتب والروايات. كان قارئاً نهماً، حتى قرّر دراسة الصحافة بعد نجاحه في الثانوية العامة لكثرة اهتمامه بالوضع السياسي ومتابعته لنشرات الأخبار.

اقرؤوا المزيد: "كيف تحضر انتفاضة الأقصى فينا الآن؟"

وفي جامعة النجاح، كان يامن نشيطاً في الحركة الطلابيّة، وفيها انتخب سكرتيراً لجبهة العمل، الذراع الطلابيّ للجبهة الشعبية. وخلال دراسته، تحديداً عام 1998، اعتقل لدى الاحتلال وأمضى في السجن 14 شهراً. لكن ذلك لم يمنع أن يحجز لاسمه مكاناً على لوحة الشرف للطلبة المتفوقين.

في تشرين الأول/ أكتوبر 2000، أي بعد اندلاع الانتفاضة الثانية بأيامٍ قليلة، خرج يامن للمشاركة في مسيرةٍ شعبيّة اتجهت نحو حاجز حوارة جنوب نابلس. في تلك المسيرة، أصيب صديقه جهاد العالول برصاص الاحتلال. حمله يامن على كتفه لنقلِهِ إلى حيث سيارات الإسعاف، وبينما هو كذلك، أصيب يامن في ساقه، فسقط أرضاً، ثم نقل الاثنان إلى المستشفى. استشهد جهاد، وأكمل يامن المسير مستعيراً اسم صديقه الشهيد، إذ صار "جهاد" اسمه الحركيّ في سنوات مطاردته.

بعد حوالي أسبوع من الإصابة، عاد يامن إلى نابلس على عكازين ليستكمل دراسته. في الطريق، أوقفه حاجزٌ عسكريّ، ثمّ تقدّم إليه ضابط من جيش الاحتلال وضربه على جرحه، وأعطاه تبليغاً لمراجعة المخابرات. لم يذهب يامن إلى المقابلة، لكنه أيضاً لم يعُد إلى بيته في مادما منذ ذلك الحين، وبدأ في تلك المرحلة بالتأسيس والتخطيط لطريقه في المقاومة والمطاردة.

أيام الاجتياح وليالي المطاردة

في العام 2001 ذكرت إذاعة "صوت إسرائيل" بأنّ "أيمن فرج" مطلوبٌ لجيش الاحتلال، ونَسَبَت إليه المسؤوليةَ عن تجهيز وإرسال فدائيين لتنفيذ عملياتٍ استشهاديّة. لم يتضح للكثيرين من هو أيمن، ولكنّ عدداً قليلاً ممن وصلهم الخبر، تيّقنوا بأن المقصود هو يامن.

لم يُطارد يامن مع إعلان إذاعة الاحتلال لاسمه، بل اتخذ في قرارة نفسه أن يكون مطارداً منذ أن قرر أن يسير في درب المقاومة حين أفرجت عنه قوات الاحتلال بعد اعتقاله الوحيد. كان مُصمماً حينها على عدم خوض تجربة الاعتقال من جديد، فعاش مع نفسه حياة المطارد، وكأنه يعد لأيامٍ ستكون فيها البلاد مشتعلةً بالانتفاضة.

في العام 2002 تحوّلت نابلس إلى مدينة أشباح، إذ يستعدّ الجميع لاجتياحٍ ضخم يلوّح به جيش الاحتلال بعد سلسلة عمليات فدائية. أُشيع بين الناس أنَّ جيش الاحتلال أمهل كلَّ من يريد الخروج من المدينة ثلاثة أيام، فخرج من المدينة طلبة الجامعات وكل من ليس له عمل ضروري، سوى أهلها الذين أغلقوا أبواب بيوتهم على أنفسهم، والمطاردين الذين لقّموا بنادقهم جيّداً، وأغلقوا الطرقات، وأعدوا الكمائن. وكان يامن من بين هؤلاء الذين بقوا.

اجتاح جيشُ الاحتلال نابلس بأعدادٍ كبيرة من الآليات العسكرية وبدأت معركة التصدي. حوصرت البلدة القديمة، وكان المقاومون قد أغلقوا مداخلها وتجمعوا فيها. وحين لم يستطع الاحتلال اقتحامها، بدأ بضربها بالصواريخ من الجو التي أصابت العديد من البيوت والمحال، ما تسبب بارتقاء العشرات من الأهالي والمقاتلين. في ذلك الاجتياح وصل عدد الشهداء لـ 74 شهيداً خلال أسبوعين.

اقرؤوا المزيد: "قصصٌ عن أمواتٍ ما زالوا على قيد الحياة".

ظلّت أسماء الشهداء غير واضحة في الأيام الأولى ما جعل الشك يساور عائلة يامن بأنّه من بينهم، كما أنّ رفاقه اعتقدوا أنّه تحت أنقاض البيوت المقصوفة. لكن يامن كان قد نجا من الموت حينها، بعد أن تحصّن مع رفيق دربه، وقائد كتائب أبو علي مصطفى في حينه، والأسير حالياً كميل أبو حنيش.1كميل أبو حنيش من بلدة بيت دجن شرق نابلس، مؤسس كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الذراع العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اعتقل عام 2003 من البلدة القديمة بنابلس، بعد مطاردة استمرت 3 سنوات، وحكم عليه بالسجن المؤبد، كتب عدة روايات من بينها "قعر بلا قرار" و"خبر عاجل".

في العام 2021، صدرت رواية "الجهة السابعة" لأبو حنيش، وقد روى فيها جانباً من تفاصيل ذلك الحدث، وقصص المطاردة مع يامن ورفاقه. يقول أبو حنيش في روايته إنّه نجا ويامن خلال اجتياح 2002، من قصفٍ طال فرنَ الشامي في البلدة القديمة، بعد أن غادراه قبل القصف بدقائق. 

يستكمل قائلاً: "مشى كميل ويامن في أزقة البلدة، باحثين عن مكانٍ جديدٍ يأويهما ويتحصنا فيه، ليجدا بيتاً خرج منه سكانه خلال الاجتياح، دخلا إلى المطبخ، وجدا قليلاً من الطعام داخل الثلاجة، وبعد يوم استراحة فيه.. سمع يامن صوت تحرك الجيش في محيط المنزل، فاتخذا قرارهما بأن يشتبكا مع الجنود في حال اقتحموه، لكنهما وجدا مخبأً سريّاً داخل المطبخ، كان عبارة عن غرفة صغيرة جداً يستخدمها أصحاب المنزل لخزين الأواني، وبعد التشاور قررا أن يتحصنا داخلها، وأن يكونا مستعدين للقتال في حال اقتحم الجيش". 


إلا أنّ الجيش الذي اقتحم البيت وفتّشه لم ينتبه إلى تلك الغرفة، فخرجوا دون أن يكشفوا أمر المطارديْن. بقي كميل ويامن ثلاثة أيام داخل الغرفة، ينام واحد ويقف الثاني على رجليه لضيق المكان، ويتبادلان الأدوار كل فترة، إلى أن أحّسا بالطمأنينة وقررا الخروج بعد أن سمعا صوت أفراد العائلة قد عادت إلى المنزل، فخرجا وعرّفا عن نفسيهما، لترحّب بهما العائلة وتهنئهما بسلامتهما.

اقرؤوا المزيد: "أسلحة الممكن.. الانتفاضة وتجربة التصنيع العسكري"

بعد سلسلةٍ من الاعتقالات والاغتيالات في صفوف قادة الأذرع العسكرية في العام 2003، عُيّن يامن قائداً عامّاً لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى. حمل يامن شعاراً حاول تطبيقه إلى النفس الأخير، عنوانه "المقاومة مستمرة"، مهما كانت الظروف. وفي أواخر العام نفسه، تحديداً في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2003، استشهد المقاتلان في الكتائب فادي حنني وجبريل عواد خلال اشتباكٍ مع جيش الاحتلال في نابلس. بعد أيامٍ قليلة، زفّت الكتائب خبر عملية فدائيّة في تل أبيب، استشهد فيها سائد حنني بعد تفجير حزامه الناسف وسط حافلة إسرائيليّة، فقُتل أربعة مستوطنين، وأصيب آخرون. 

اتهمت مخابرات الاحتلال يامن وأمجد والمقاتلين معهم بالوقوف وراء عملية سائد، بالإضافة لعملية رفيق درب يامن شادي نصار، منفذ عملية "أرئيل" المقامة على أراضي سلفيت. وقد كان لاستشهاد شادي أثرٌ كبيرٌ على يامن، فهو رفيق الطفولة وابن قريته التي تربيا في ربوعها. كما اتُهم يامن وأمجد بالمسؤولية عن عملية حاجز "بقعوت" التي نفذها الشهيد سامي زياد سلامة، وقتل فيها خمسة جنود وأصاب عدداً آخر.

ليلة الاشتباك الأخير

في السادس من تموز/يونيو 2004، في شارع السكة، قرب مخيّم العين غرب نابلس، تسلّل يامن وأمجد إلى عمارةٍ سكنية. أشعل يامن سيجارته في بيت الدرج، استكشفا المكان جيّداً، وبعد دقائق خرجا إلى حديقةٍ مقابلة للبناية. كانت السماء ملبّدةً بصوت الزنانات، فيما كان الاثنان يحملان مسدسيهما فقط، وقليلاً من القنابل. 

اقتحم جيش الاحتلال المنطقة، وكانت قواتٌ كبيرة من الجيش تحاصر البناية ظناً منهم بأنَّ يامن وأمجد مختبئين داخلها. وكان ضباط الاحتلال ينادون عبر مكبّرات الصوت على يامن وأمجد لتسليم نفسيهما، دون جواب، إلى أن ألقيا قنبلة تجاه القوة التي تنادي عبر المكبّرات، معلنيْن بدء المعركة والتي استمرت 4 ساعات.

أدّى الاشتباك إلى مقتل ضابطٍ هو "موران فيردي"، وإصابة ثلاثة جنودٍ آخرين، فتدخل الطيران الحربيّ الإسرائيليّ، فيما توالت رصاصاتُ الشهيدين. يقول أحد من شهد تلك المعركة في حينه: "وأنا أسمع صوت المعركة استذكرتُ أغنية رمانة لسميح شقير: ردينا يللي بينردْ قابلنا المدفع بالفرد".. ويضيف: "خلال المعركة اعتلى الناس أسطح منازلهم وأطلقوا التكبيرات".

ظلّ يامن وأمجد يقاتلان إلى أن استشهدا، وقد استطاع أحدهما التسلل إلى داخل البناية خلال الاشتباك، وأن يستمرَ في القتال بعد استشهاد رفيقه. تقول بعض الروايات إنّ أمجد سبق يامن في الشهادة، بينما ظلّ يامن يقاتل إلى أن أُصيب بعدة جروح ونفذت ذخيرته، وحينها أطلق الاحتلال الرصاص عليه بشكلٍ كثيف إلى أن استشهد. ووفق الروايات فقد طلب جيش الاحتلال من أحد السكان في تلك البناية، الذين استخدموا كدروعٍ بشرية، أن يذهبَ ويسحبَ الشاب المصاب.2 استشهد في هذه المعركة أيضاً الدكتور خالد صلاح ونجله محمد وهما من ساكني العمارة التي حاصرها جيش الاحتلال، إذ حاول صلاح الحديث مع الجنود لكنهم أطلقوا تجاهه النار وقتلوا ابنه بعدها.

في مادما، خرج والد يامن على طرق الباب عند السادسة صباحاً. أخبره أحد الأقارب بإصابة يامن، لكنه لم يصدق، وقال: "يامن ما بتصاوب، يامن بستشهد". وفي مستشفى رفيديا، حيث وصل جثمانا الشهيدين، كان الناس يبكون على الشهيد جهاد، الاسم الذي عرفوه ليامن، الشاب الغامض الذي استطاع أن يكسب قلوب الناس بأخلاقه وحبه وطلّته وإنسانيته، وأن يضمهم إلى صفه ليشكلوا حاضنةً شعبيّة تحمي المقاومة. ورغم تخفيه وعدم حبه للظهور الإعلامي، صار اسم "يامن" بعد استشهاده واحداً من أكثر الأسماء المستخدمة في نابلس وقراها، وقيل: "يامن الغامض المتخفّي دائماً، فُضح بعد استشهاده، وصار في كل بيت؛ طفلٌ اسمه يامن".

مؤخراً، وعند اغتيال تامر الكيلاني أحد قادة "عرين الأسود"، شاع على لسان عدد من أصدقائه أن سبب تسمية ابنه البكر "يامن" جاء لتأثره وتعلّقه بالشهيد يامن فرج، علماً بأن تامر كان طفلاً لم يتجاوز الـ 14 عاماً حين استشهد يامن. يقول أحد رفاقه الذين عاشوا معه بالسجن: "كان تامر متأثراً جداً بالشهيدين يامن وأمجد، ودائم الحديث عنهما وعن قصتهما، وقد كان تامر يحب أن نناديه أبو يامن وذلك قبل أن يرتبط ويقرر الزواج".

كان يامن رغم معرفته بأن الاحتلال يبحث عنه لقتله، لا يزال يحلم بالمستقبل الأجمل، ولم يضع حدّاً لأحلامه، فكان يخطط لخطبة فتاة أحبّها وأعلم عائلته بذلك، إذ كان على قناعة بأن مقاومة الاحتلال لا يمكن أن تكون عائقاً أمام الإنسان ومشاعره. لم تتحقق الخطوبة، ولكن الفتاة التي كان ينوي يامن خطبتها، ظلت تقول بعد استشهاده: "أنا خطيبة يامن فرج". كذلك لم يتوقف عن التخطيط لمستقبله المهني. يقول شقيقه هشام: "وجدت ورقة كتب عليها يامن أسماء مكاتب الصحفيين ووسائل الإعلام في نابلس، وفي آخر الورقة كتب يامن فرج، وكأنه يخطط لمستقبل إعلامي يكون فيه مرجعاً للصحفيين".

قبر الشهيد يامن فرج

كان البعض يعتقد بأن يامن مطارد بالصدفة، وأن ظروفاً معينة أجبرته للمضي في هذا الطريق، لكن يامن أعدّ لهذه الأيام جيّداً، وقرر السير فيها بخطىً ثابتة. عرضوا عليه أن يستريح قليلاً خلال أيام المطاردة، وأمّنوا له بيتاً بعيداً كي يأخذ قسطاً من الراحة، لكنه رفض. قيل له "ربما تصبح أميناً عاماً في المستقبل"، وحاولوا أن يُقنعوه بتهريبه إلى غزة، لكنه رفض، وكان يقول دائماً: "لم أطارد لكي أختبئ، وأرسلت قبلي رفاق الدم والسلاح للشهادة، فكيف أخونهم ولا ألحق بهم، دم الثائر على الثائر دين".