13 يونيو 2022

كارثة الـ "نسخ - لصق" من الإعلام الإسرائيلي

كارثة الـ "نسخ - لصق" من الإعلام الإسرائيلي

تخيّل معي أن تقع حادثةٌ ما في الحيّ الذي تسكن فيه، ثمّ تعرف تفاصيلها من الإعلام الإسرائيلي! بدون مبالغة، هذا بالضبط ما يجري منذ سنوات لدى طيف واسع من إعلامنا الفلسطيني. بل يصل النقل أحياناً إلى أكثر من ذلك، أذكر أنَّ صفحةً مُتخصّصة بالترجمة نقلت خبرَ نتيجة مباراة "كلاسيكو" بين برشلونة وريال مدريد عن صحيفة إسرائيلية!

تحوّل الفضاء الإعلامي الإسرائيلي، بما يشمل وسائل الإعلام والصحافيين والمحلّلين، إلى مصدرٍ أساسي للإعلام الفلسطيني، بل وعاملاً له حضورُه في تشكيل التصورات عن الواقع الداخلي الفلسطيني بمختلف سياقاته. رسّخت هذا الواقع عوامل كثيرة، بينها الانبهار بما يقوله الإسرائيلي نتيجةَ سنواتٍ من تكريس فكرة "تفوّقه" في مجال الحصول على المعلومات والتحليل وغيرها.

مقولاتٌ عادية يكتبها صحافيون إسرائيليون ثمّ يتعامل معها نشطاءُ مواقع التواصل الاجتماعي على أنّها "شيء خارق للعادة"، أو "دليلٌ غير مسبوق" نستقيه من الإسرائيليّ على عظمة تضحيةٍ ما. في 11 أبريل/ نيسان الماضي مثلاً، انتشرت صورة لمقاومين في مخيّم جنين خلال صلاتهم على جثامين شهداء ارتقوا خلال اشتباك مع جيش الاحتلال، فنشر الصحافي الإسرائيلي "غال بيرغر" الصورة مع التعليق الآتي: "يُصلّون هذا المساء في المسجد في جنين مع السلاح تحسباً لأي شيء قد يحصل". قد تكون أنت من كتب هذا التعليق العادي، أو أحد من أصدقائك، ولن يعبأ بك أو بهم أحد. لكن، مُجرّد أن يكون الكاتب إسرائيلياً، فإن هذا يدعو للنشر والاحتفاء على صفحات التواصل الاجتماعي الفلسطينية.

الكسل يكمن في التفاصيل

هناك اعتماديّة مُبالغ فيها على الإعلام الإسرائيلي كمصدرٍ لكثير من القضايا، بما يشي بشيءٍ من الكسل في المجال الإعلامي والسياسي الفلسطيني بصورةٍ عامة. فكثير من القضايا، تكون مصادرها في متناول أيدي الإعلام الفلسطيني، ويمكن بكل سهولة لأي صحافي فلسطينيّ تجميعها (باتصالات هاتفيّة ربما!)، ومع ذلك ترى النقلَ عن الإعلام الإسرائيلي أكثر أولويّة، حتّى أنّ بعض القضايا الخاصّة بمُجتمعنا تُتناول من زاوية الإعلام الإسرائيلي دون مساعٍ بحثية فلسطينية في المقابل لتفكيك القضية. 

على سبيل المثال، نشرت مؤخراً صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية خبراً عن مصادرة الاحتلال لمحمية طبيعيّة قرب أريحا، فأخذت وكالات فلسطينية عنها ذلك، ونشرت أنّ المحمية المذكورة في التقرير هي "عين العوجا" استناداً إلى ترجمة خاطئة لمُسمّى عبريّ للمنطقة، بينما اسم المنطقة الحقيقي هو وادي "المقلق" أو "المكلك"، وتبيّن فيما بعد أن القرار صدر قبل أسابيع من إعلان "هآرتس".

مثالٌ آخر من العام الماضي يتعلق بعمليّة "نفق الحرية" التي حرّر فيها ستة أسرى أنفسهم من سجن جلبوع، أشدّ سجون الاحتلال تحصيناً، والتي شكّلت ضربةً للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، ولكنها كذلك كشفت عن هشاشة الإعلام الفلسطيني. منذ الساعات الأولى للعملية ظهر التضارب في المعلومات التي نقلها الإعلام الإسرائيلي عن مصادره الأمنية. في البداية قال الصحافيون الإسرائيليون إنّ الأسرى حصلوا على مساعدة من خارج السجن، إذ نُقلوا عن طريق المركبات إلى أماكن بعيدة عن السجن، وهو ما تبنّته وسائل الإعلام الفلسطينية سريعاً، دون أي حساسية من نقل معلومات في وقت حساس تبحث فيه قوات الاحتلال عن الأسرى الفارّين. ثمّ تبين لاحقاً من روايات الأسرى المعاد اعتقالهم خلال زيارات المحامين لهم أنّ الأمر لم يكن كذلك. 

وعقب اعتقال الأسرى الستة، انتشرت روايات في بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، بعضها نُسب إلى الإعلام الإسرائيلي، أنّ ما أدّى إلى اعتقالهم كان "وشاية" من أحد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948، مما أدّى إلى جدالات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، غطت ولو لبعض الوقت على عظمة عملية الهروب، ثمّ تجلّى خلاف ذلك في تصريحات الأسرى الذين نفوا الروايات عن تسليمهم. يدعونا هذا المثالان للتساؤل: ما الهدف من هكذا نشر إسرائيليّ؟ وهل نساهم في تحقيق الهدف الإسرائيلي باعتمادنا هذا النقل؟

عناصر شرطة الاحتلال وصحافيون ينظرون إلى فوهة النفق الذي حفره الأسرى الستة وفرّوا من خلاله من سجن جلبوع، سبتمبر 2021 (وكالة الصحافة الفرنسية).

هل يعرِفُنا الإسرائيلي أكثر من أنفسنا؟

في السنوات الأخيرة تزايدت أعداد المترجمين الفلسطينيين عن الصحافة الإسرائيلية. يعود ذلك إلى مجموعة عوامل، منها ازدياد أعداد المُتحدّثين باللغة العبريّة، وازدياد الشبكات الإعلاميّة الفلسطينيّة. يمكن الادعاء، أنّ توسّع الترجمة عن العبريّة كان توسّعاً على المستوى العددي لا النوعي، فلم توفّر الترجمة للمجتمع الفلسطيني صورةً مُركّزة ونقدية لفهم مجتمع الاحتلال ومؤسساته بشكلٍ متماسك. هذا لا ينفي وجود منصّات مُختصّة قدّمت معرفةً مهمةً في هذا المجال، لكن الغالب الأعم على وسائل الإعلام الفلسطيني التركيز على ترجمة الأخبار اليومية التي تُنسخ دون التفكير في تفكيكها وتقديمها بصورة جديدة، تمسح عنها على الأقلّ دعاية وأجندة الاحتلال.

ومع تصاعد عمليّات المقاومة الشعبيّة باختلاف مستوياتها في مناطق مختلفة من فلسطين، تسابق الإعلام الفلسطيني لنقل تحليلات الكُتّاب والصحافيين الإسرائيليين لمسار الأحداث. إذا ما عُدنا إلى بعض هذه التحليلات، يُمكن أن نستشفّ أنّ نقلها لم يكن سوى لأنها صادرة عن جهة إسرائيلية تُصَوَّر أنّها تعلم ما لا نعلم، فيما لم تُقدّم أي جديد في فهم الواقع وتحليله، عدا عن كونها غير دقيقة.

اقرؤوا المزيد: القدس بعد عامٍ على هبّتها: كيف يُصان الأمل؟

مثالُ ذلك ما نشره صحافي إسرائيلي على حسابه في "تويتر" قائلاً: "حتى رام الله تغيرت"، في إشارة إلى المواجهات العنيفة التي اندلعت في المدينة خلال العام الماضي. ولكن إذا ما عُدنا إلى أبرز أحداث السنوات الماضية، نرى أنّ رؤية الصحافي الإسرائيلي لم تكن صائبة، فالمواجهات لم تنقطع في رام الله خلال أي اقتحام لجيش الاحتلال.

هذا يقودنا إلى نقاش آخر، حول تعامل نشطاء وأسرى مُحرّرين قضوا سنوات طويلة في السجون ومع تنظيماتهم، بـ "قداسة" مع ما ينشره الإعلام الإسرائيلي عن تنظيماتهم نفسها التي عملوا فيها. اتفهّم الحاجة لفهم نظرة أجهزة الاحتلال عن قيادات وتنظيمات فلسطينية وكيفيّة تعامله معها، لكن أن نأخذ نظرة الإسرائيلي للعلاقات داخل الأطر الحركية لتنظيماتنا فهذه إشكالية كبيرة!

مُحقّق مع كاميرا

لا تخلو أخبارُ وتقارير الإعلام الإسرائيلي من الحمولة الفكرية والسياسية، التي يجري الإعداد لها في سياق الحرب على الوعي الفلسطيني. ثمّ فإنّ الإعلام الإسرائيلي غير منفصل عن النشاط الأمني الإسرائيلي، خاصّة أن أسماء معروفة في الوسط الإعلامي الإسرائيلي خدمت في الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وما زالت لها ارتباطات ومصالح مع تلك الأجهزة.

وفي ضوء ذلك يساهم الإعلام الإسرائيلي في المعركة الأمنية والعسكرية للاحتلال. مثال على ذلك جولة الصحافي الإسرائيلي "إهود بن حمو" التي أجراها قبل حوالي شهر في مُخيّم شعفاط شمال القدس، التجمّع السكّاني الذي حولته سياسات الاحتلال الاقتصادية والأمنية إلى مكان غير صالح للعيش تقريباً. الفكرة الأساسية للتقرير كانت "صعود شعبية حركة حماس في القدس"، خاصّةً بعد معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة نصرة للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح عام 2021. أجرى "بن حمو" مقابلات مع شبّان أكدّوا فيها على محبّتهم لقائد "كتائب القسّام" محمد الضيف وحركة "حماس" وانتقدوا أداء السلطة الفلسطينية، وهاجم أحد الشبان "اليهود" وتوعّدهم بالقتل. بعد أيام من المقابلة أعلنت شرطة الاحتلال عن اعتقاله بتهمة "التحريض".

وفي مثالٍ آخر على جهود الإعلام الإسرائيلي المُنصبّة لخدمة الاحتلال وأهدافه، ترويجه لوحده "يمام" الخاصّة والتابعة لقوّات حرس الحدود خلال الشهور الماضية التي شهدت فيها الضفّة مواجهات مع جيش الاحتلال. الوحدة المدعومة بأجهزة استخبارات ووسائل تكنولوجيّة مُتقدّمة وأسلحة مختلفة تُعتبر من الأقوى في المنطقة، وقد تخصصت في اغتيال واعتقال المقاومين الفلسطينيين. وبالرغم من ذلك، تلقّت الوحدة في الأسابيع الماضية ضرباتٍ من قبل خلايا المقاومة الفلسطينية في جنين التي شهدت تصاعداً في العمل الفدائي. ففي فجر اليوم الأول من شهر رمضان الماضي، نصبت الوحدة كميناً لخلية فدائية ضمّت المقاومين صائب عباهرة وخليل طوالبة وسيف أبو لبدة. خاضت الخلية اشتباكاً بطولياً مع عناصر "يمام" أصيب فيه ضابط كبير صاحب سجل حافل بالجرائم ضدّ الفلسطينيين.

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by متراس - Metras (@metraswebsite)

لم تكن هذه الضربة الوحيدة مؤخراً لقوّة "يمام"، ففي 13 مايو/ أيّار 2022 حاصرت قواتٌ كبيرة من جيش الاحتلال المقاومَ محمود الدبعي داخل منزل في مخيّم جنين، وهو ما أدّى إلى اشتباكات استمرت لساعات بين مجموعات من المقاومة وجنود الاحتلال، أدّت رغم تواضع قدرات المقاومين إلى مقتل ضابط في الوحدة ذاتها، "يمام"، وهو الآخر صاحب سجل حافل في الإجرام ضدّ الفلسطينيين.

اقرؤوا المزيد: فعلٌ يُراكم على أخيه: الضفّة الغربيّة بعد "سيف القدس".

هذه الضربات ضدّ القوة التي أعلن الاحتلال أنها "الوحدة الإسرائيلية الأولى المتخصصة في مواجهة المقاومة"، دفعت الإعلام الإسرائيلي مؤخراً لإعداد تقارير عن عمليات الاغتيال التي نفّذتها في الضفة في الشهور الماضية. في تقرير للقناة "14" الإسرائيلية، استعرض قائد الوحدة مع الصحافي الإسرائيلي عدة عمليات قتل نفذتها "يمام"، بينها اغتيال الخلية الفدائية من بلدة بدّو شمال غرب القدس المحتلة قرب عين ماء في بيت دقو، وكالعادة انتشر المقطع على صفحات فلسطينيّة، دون أي تأطير أو سياق تفسيريّ أو نقديّ.

تجاهلت الصفحات الفلسطينية التي تناقلت التقرير أن الصراع بين المجتمع الفلسطيني وقوة الاحتلال قائم في جانب هام منه على الهزيمة النفسية أو ما يعرف بـ "كي الوعي". وحدة "يمام" مجموعة من القتلة المدربين الذين يدخلون في مواجهة غير متكافئة مع فدائي أو خلية للمقاومة لا تملك سوى عتاد بسيط، وقد يكون بعض أفرادها لم يحمل السلاح سابقاً، لذلك فإنّ الانسياق خلف رواية "كفاءتها" و"قوتها" يُمثّل حرباً نفسية نشنها على أنفسنا، بينما يمكن عكس هذه العملية النفسية على الاحتلال بالتركيز على الضربات التي تلقتها الوحدة.

اختزال نعلين

لنعود إلى بن حمو، ونأخذ عمله كمثالٍ عينيّ، خاصّةً أنّ الإعلام الفلسطيني كثيراً ما يُترجم له وينقله إلى مجتمعنا. اعتاد بن حمو إجراء جولات في مدن وبلدات في الضفّة الغربيّة، فيأخذ المشاهدين في جولة مدروسة التفاصيل، يريد من خلالها تثبيت مشاهد في وعي الفلسطيني والإسرائيلي معاً على أنّها "كلّ الحقيقة"، فيما تكون مشاهد التقارير والمقاطع والمقابلات التي يختارها مُجتزأة من سياق أوسع، تتجاهل بطبيعة الحال الصورة الكاملة للتفاعلات السياسية والاجتماعية للمنطقة التي يخصّها بالتقرير.

في عام 2019، أجرى بن حمو تقريراً وهو يتجوّل في محال مُتخصّصة ببيع الملابس في بلدة نعلين، الواقعة شمال غرب رام الله. يدور التقرير حول فكرة أساسية مفادها "تعب الفلسطيني من النضال أو الفوضى" والرغبة في "السلام الاقتصادي". لا تحتاج لكثير من الذكاء لفهم ما تريد جولة الصحافي الإسرائيلي إيصاله: الضفّة تغيّرت! وكالمعتاد، ترجمت مواقع إخبارية فلسطينية التقرير دون أي محاولة نقديّة للتعامل مع ما ورد فيه وكأنها تبنت أيضاً هذا الجهد الدعائي الإسرائيلي. 

جنود جيش الاحتلال يطلقون قنابل الغاز باتجاه متظاهرين فلسطينيين محتجين على بناء الجدار الفاصل، بالقرب من قرية نعلين، غرب رام الله، يونيو 2008. (وكالة الصحافة الفرنسية).

لا يخفى على أي مُتابع جدّي للشأن الفلسطيني الأوضاعَ المعقّدة التي تعيشها القرى الحدوديّة بين الضفّة وأراضي عام 1948، ومنها نعلين. بعد احتلال عام 1967، انفتحت تلك القرى على أراضي عام 1948 وتركّزت العلاقات بين أهلها والمجتمع الفلسطيني هناك في صيغتها الأعم على علاقات التسوق. كذلك، أنشأت سياسات الاحتلال ظروفاً جعلت مصادر المعيشة لهذه البلدات قائمة على "تقديم خدمات للمستوطنين"، كغسيل السيّارات وتصليحها وبيع المواد الغذائيّة وغير ذلك. كانت نعلين جزءاً من هذه الظاهرة التي ركّز عليها تقرير بن حمو، فيما تجاهل العلاقات القويّة بينها وبين فلسطيني اللد والرملة ويافا وغيرها من بلدات الداخل التي تعتبر مركز تسوّق لهم خاصةً في أيام السبت.

إذاً، فإنّ العودة إلى تاريخ المنطقة يُخبرنا بأنّ هذا ليس إلا جانباً من الواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة. خسرت نعلين مساحات واسعة من أراضيها بعد حرب النكبة، لذلك يحمل بعض من أهلها بطاقات وكالة "الأونروا"، وأصبحت مساحات أخرى في حكم المنفي بعد بناء الجدار الأمني والسياسي في انتفاضة الأقصى. وبعد انتهاء انتفاضة الأقصى ودخول الضفّة في مرحلة ترتيباتٍ أمنية وسياسية جديدة حاولت فيها أطرافٌ مختلفة محو تجربة المقاومة، انطلقت من نعلين تجربةُ مقاومةٍ اختلفت في شكلها عمّا عُرِف لاحقاً باسم "تجارب المقاومة الشعبية"، تلك التجارب التي حاولت السلطة الفلسطينية وأطرافٌ دولية ومؤسسات أجنبية تكريسها كنقيضٍ للمقاومة المسلحة.

لم تعرف تجربة نعلين خاصّةً في بداياتها الانفصال المُصطنع بين مقاومة "سلمية" وأخرى "عنيفة"، وخاضت فعالياتها السياسية والاجتماعية مواجهات عنيفة، تعرّضت خلالها البلدة لحصار ومنع تجول وحملات اعتقالات مستمرة حتى كتابة هذه السطور. وقريباً من المكان الذي أجرى فيه بن حمو مقابلاته ارتقى خمسة شهداء منذ عام 2008، لكنّ الإعلام الفلسطيني لم يحاول، ولو محاولة بسيطة، عرض القصة الكاملة، وتجاهل كما فعل بن حمو التاريخ الغنيّ لهذه المنطقة، الذي يعلمنا أن التناقضات فيها أكبر من تبسيطها في تقرير إعلامي يجريه صحافي إسرائيلي بأجندة واضحة جداً ترتكز على مقولة أنّ "الفلسطيني قد تعب!".

اقرؤوا المزيد: "قاهراً عداك".. معركة العلم في حوّارة.

بينما يختار الإعلام الفلسطيني ترجمة مثلَ هذه التقارير يبرز التساؤل: هل يعجز الإعلام الفلسطيني عن فهم مجتمعه؟ وهل نحتاج لصحافيّ إسرائيلي كي يخبرنا أن شعبية المقاومة في تصاعد؟ ولماذا نمنح الإسرائيلي فرصة أن يدخل في مناطقنا وينقل انطباعاتٍ منزوعة السياق وانتقاداتٍ تخدم الاحتلال وتضرّ نسيجنا الوطنيّ؟

دون "حجاب"

لا يدعو المقال إلى الانقطاع الكامل عن الترجمة عن الإعلام الإسرائيلي، بل يدعو إلى تشجيع العقليّة النقديّة في التعامل مع هذه المصادر، تنطلق من ثقة بالنفس على أن الفلسطيني هو الأجدر والأقدر على فهم تعقيدات قضيته ومجتمعه وتحليل قضاياه المختلفة، دون "حجاب" سياسي أو اجتماعي إسرائيلي يغشى العقول. يجب أن نبني ثقافة إعلاميّة تتعامل مع "إسرائيل" كعدو نحتاج فهمه لمواجهته، دون الانشغال بقضايا يريد الإعلام الإسرائيلي إشغالنا فيها ونكون بذلك نساهم في حربه علينا.