8 مايو 2023

المفتي أم الدولة: من يُعبّر عن موقف عُمان؟

المفتي أم الدولة: من يُعبّر عن موقف عُمان؟

يُقدّم هذا المقال سرداً تاريخيّاً موجزاً لعلاقة التطبيع بين دولة الاحتلال وسلطنة عُمان وشكلها ومساراتها، ويحاول شرح أسباب ما يبدو أنّه "تناقض" بين المواقف المتباينة حيال التطبيع والصادرة من عدد من أجهزة الدولة ومؤسساتها. 

الأولى.. لكن "البطيئة" أيضاً

كانت سلطنة عُمان سبّاقة خليجيّاً في مسار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيليّ، فقد كانت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين لها في أيلول/ سبتمبر 1994، بدعوةٍ مباشرةٍ من السلطان قابوس آنذاك، أول زيارة رسميّة ومعلنة يقوم بها مسؤول إسرائيليّ رفيع لدولة خليجيّة. وفي العام 1995، شارك الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجيّة آنذاك، يوسف بن علوي، في جنازة رابين في القدس المحتلة.

تطوّرت العلاقات لتعاون اقتصاديّ، ففي عام 1996 وقّعت السلطنة مع الاحتلال اتفاقاً لافتتاح مكاتب تجارية في كل من تل أبيب ومسقط، وقد شارك رئيس وزراء الاحتلال آنذاك، شمعون بيرس، في افتتاح مكتب دولته في مسقط. وفي العام نفسه، أُسِّسَ في مسقط "مركز الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه (مدريك)"، والذي يستضيف الخبرات الإسرائيلية في هذا المجال. وقد أشادت به وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون باعتباره "نموذجاً لصنع السلام في الشرق الأوسط"، على حدّ تعبيرها.

اقرؤوا المزيد: "موسم التطبيع العربيّ.. أرخص وطنية ممكنة".

 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، خرج العُمانيون في مظاهرات حاشدة في عدة مدن عُمانيّة، للتنديد بوحشية الاحتلال، والمطالبة بإغلاق المكتب التجاري، وهو ما استجابت له الحكومة آنذاك، مع الإشارة إلى أنّ العلاقة التجارية لم تنقطع تماماً، وإن كانت استمرت بمستويات منخفضة.1تشير المصادر إلى أنّ قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى عُمان انخفضت من حوالي 700 ألف دولار عام 1996 إلى 6 آلاف دولار فقط عام 2018، وأن الصادرت العُمانية إلى الاحتلال ارتفعت من 25 ألف دولار عام 1996، إلى 75 ألف دولار فقط عام 2013، ومن الممكن أن تكون هناك صفقات تجارية أكبر من ذلك ولكنها غير معلنة. كما أنّ العلاقات إجمالاً لم تنقطع تماماً، فمثلاً لم تتوقف زيارات الوفود الإسرائيليّة إلى مركز تحلية المياه، كما نُشِر عن لقاءٍ جمع عام 2008 بين الوزير يوسف بن علوي مع وزيرة الخارجية الإسرائيلي تسيبي ليفني، على هامش مؤتمر في الدوحة.  

ثمّ عادت هذه العلاقة إلى ذروتها العلنيّة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، في زيارة مفاجئة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لمسقط. ذكرت البيانات الرسميّة للسلطنة أنّ الزيارة هدفت لـ"الدفع نحو استئناف مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، إلا أنّ الباحث في مجلة "فورن بوليسي"، ستيفن أ.كوك، يرى بأنّ الدافع الأساسي لها كان محاولة استرضاء الولايات المتحدة من خلال التقرّب من "إسرائيل" في فترةٍ لم تكن فيها إدارة الرئيس ترمب راضيةً عن الاتفاق النوويّ مع إيران، وعن الدور العُمانيّ في تسهيل الاتصالات بين الطرفين. 

26 تشرين الأول 2018، مسقط، عُمان. رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في ضيافة السلطان العُماني قابوس بن سعيد (مكتب رئيس وزراء الاحتلال/ Getty Images).
26 تشرين الأول 2018، مسقط، عُمان. رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في ضيافة السلطان العُماني قابوس بن سعيد (مكتب رئيس وزراء الاحتلال/ Getty Images).

ويقول في مقال نشره عن ذلك: "يرى السلطان قابوس أنّ إسرائيل هي بوابة الحصول على دعمٍ سياسيّ ودبلوماسيّ من الولايات المتحدة لتعزيز استقرار البلاد في ظل الصراعات التي تحيط بمنطقة الخليج". يُذكر أنّه قد سبق تلك الزيارة بفترةٍ زمنيّة قصيرة مقترح بخفض المساعدات الأميركية العسكريّة والأمنيّة السنويّة لعُمَان بنسبة 35%.

 التالية في التطبيع الكامل؟

في كانون الثاني/ يناير العام 2020، تولّى السلطان هيثم مقاليد الحكم، وحينها أشارت التوقعات إلى أن عُمان ستكون إحدى الدول المطبّعة من جديد، إذ كان لافتاً مثلاً حضور سفيرة السلطنة في الولايات المتحدة مع كلٍّ من سفراء البحرين والإمارات في المؤتمر الصحفي الأميركي لإعلان ما سُمّى بـ"صفقة القرن". وقد تبع ذلك بيان من الخارجية العُمانيّة يُرحب باتفاقية التطبيع بين الاحتلال والإمارات.

وهكذا كان من المتوقع أن تكون عُمان الدولة التالية في التطبيع بعد البحرين والإمارات، لكن في الوقت نفسه كانت هناك مؤشرات أخرى تدلّ على "تأني" عُمان في اتخاذ هذه الخطوة، خاصّةً بعد انتهاء ولاية الرئيس ترمب الداعم الرئيس لمسار التطبيع. ومن تلك المؤشرات مثلاً، التحفظ (تم التراجع عنه لاحقاً) على فتح الأجواء العُمانيّة لشركات الطيران الإسرائيلية بالرغم من الطلب الرسميّ الذي قدمته وزارة الخارجيّة الإسرائيلية في آب/ أغسطس 2022. 

وقد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ نتنياهو كان قد تلّقى وعوداً أثناء زيارته لمسقط بفتح الأجواء، لكن السلطان هيثم تراجع عن ذلك. والبعض يُدرج ضمن هذه المؤشرات على "التأني"، عدم مشاركة عُمان في مؤتمر النقب، بالرغم من توجيه "إسرائيل" الدعوة لها للمشاركة.

كذلك فإنّ الأوضاع الداخلية العُمانيّة ربما لم تكن جاهزة لمثل هكذا خطوة، في ظلِّ ما كانت تُعانيه سلطنة عُمان حينها من أوضاعٍ اقتصاديّة صعبة نسبيّاً بسبب انخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، إذ أشارت التوقعات في حينه أن يبلغ العجز في الميزانية العامة لعام 2021 أكثر من 5 مليار دولار، عدا عن ارتفاع حجم الدَّين العام للدولة في السنوات الماضية. ولمعالجة تلك الأوضاع خفّضت الحكومة الدعم عن الكهرباء والمياه، وفرضت ضريبة القيمة المضافة بما نسبته 5%، وأحالت آلاف الموظفين إلى التقاعد المبكر.

أحدث ذلك ردّة فعلٍ غاضبة من الشباب العُمانيّ، وعلى إثر ذلك اندلعت الاحتجاجات في مدينة صحار، ثم تبعتها مدنٌ أخرى في الفترة ما بين 23 إلى 27 أيار/مايو 2021.  (هامش: طالب المحتجون بتوفير فرص عمل وإلغاء ضريبة القيمة المضافة وتحسين الظروف المعيشية، وقد واجهت الحكومة الاحتجاجات بالقمع والتفريق). وقد سبقت تلك الاحتجاجات بأيامٍ وقفة أمام السفارة الفلسطينيّة في مسقط للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على أهالي حي الشيخ جرّاح، وقد كانت الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة.

اقرؤوا المزيد: "حي الشيخ جرّاح.. كم مرّة على الفلسطيني أن يُهجّر؟"

 هذا لا يعني أنّ الحكومة العُمانيّة قطعت التواصل تماماً مع الاحتلال، فخلال الفترة نفسها استضافت وفوداً إسرائيليّة سياسيّة ورياضيّة، مثل مشاركة وفد إسرائيلي رياضيّ في مسابقة التزلج الشراعي على الماء في كانون الأول/ ديسمبر 2021. وكذلك اللقاء الذي جمع عام 2022 مسؤولاً إسرائيلياً مع وزير الخارجية العُماني على هامش مؤتمرات مركز أبحاث التحلية. 

12 كانون الأول، 2021، مسقط، عُمان، متسابقات خلال مشاركتهم في السباق التدريبي الأول في بطولة العالم للشباب في الإبحار، وتظهر في الصورة متسابقة تمثل دولة الاحتلال. (Getty Images)

 "منزلة بين منزلتين"

في كانون الأول/ ديسمبر 2022، صوّت أعضاء في مجلس الشورى العماني المنتخب شعبيّاً على مقترحٍ لتعديل قانون مقاطعة "إسرائيل"، بحيث يُوسّع نطاق المقاطعة ليشمل قطع العلاقات الاقتصاديّة والثقافيّة والرياضيّة. وهو أول تعديل يدخل على ذلك القانون منذ إصداره قبل أكثر من 50 عاماً، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه لم تتم حتى الآن محاكمة أي شخص لمخالفة أحكامه. بعد ذلك بشهرين، في شباط/ فبراير 2023 الماضي، فتحت سلطنة عُمان مجالها الجويّ للطائرات الإسرائيلية. 

وهنا قد يتساءل البعض: لماذا هذه التباينات في المواقف الرسميّة العمانيّة بشأن التطبيع، فمرّة يُفتح المجال الجويّ لطائرات الاحتلال ومرةً يُجرّم التطبيع؟ في محاولة للإجابة يمكن القول إن أساس التناقض هو في الفجوة القائمة بين الأنظمة العربيّة وبين الشعوب، فمن جهة يبحث حكام الدول العربيّة عموماً عن استقرارٍ تكون أداته وبوابته تقرّبهم من "إسرائيل" والدول الكبرى، ومن جهة أخرى فإنّهم يخشون من أن الهرولة نحو التطبيع الكامل بشكلٍ فجّ قد يساهم في نزع الشرعية الشعبية عنهم في ظلّ منطقة تشهد تصاعداً للتوتر.

وبناءً على ذلك، فإنّ علاقة السلطنة مع دولة الاحتلال - حتى الآن - تقع ضمن إطارٍ مُحدّد، كأنّها تقف بين منزلتين، فلا هي تُعلن التطبيع الرسميّ الكامل، ولا هي تختار وقف العلاقات تماماً أو تمتنع عن خطواتٍ تطبيعيّة جزئيّة. وربما ترى السلطنة أنّ هذا التأرجح هو الأنسب لها في المرحلة الراهنة، وأنّ من شأنه أن يُخفّف عنها الضغوط الدوليّة التي تدفعها للتطبيع، والحفاظ على علاقتها مع الولايات المتحدة كحليفٍ أمنيٍّ واستراتيجيّ (والأخيرة كان لها دور وساطة في إقناع عُمان لفتح المجال الجويّ)، ومن ناحيةٍ أخرى يساعدها في الحفاظ على علاقتِها الحالية مع إيران، ولا يدفعها لتطبيع كامل لا تحتاجه حالياً. 

وهو ما افترضه الصحافي البريطاني توم غروس، الكاتب في شؤون الشرق الأوسط، بالقول: "عُمان، مثل قطر، تحاول تهدئة إيران. رسالتهم هي: لسنا من يُسارع إلى إقامة علاقات مع إسرائيل، فلا تهاجموننا". واستطرد موضّحاً: "في غضون ذلك، من المرجح أن تستمر العلاقات مع إسرائيل وإن كان ذلك بهدوء أكبر". 

اقرؤوا المزيد: "تركيا وفلسطين.. هل تصلح الشعارات ما أفسده التطبيع؟"

يُرجع البعض جانباً من هذا التباين السياسي في المواقف إلى نهج السياسة العمانية الخارجية، والتي تنطلق من مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير والحفاظ علاقات متوازنة مع الجميع، وذلك بما لا يعرضها إلى المخاطر والنزاعات الاقليمية التي قد لا تحتمل تبعات مواجهتها أمنياً وأقتصادياً كدولة صغيرة نسبياً في المنطقة تحاول التكيف مع المتغيرات الإقليمية المتسارعة والمتوترة على الدوام. ومن يعتمد على هذا التحليل يقول إنّ عُمان تنطلق من مبادىء النظرية الواقعية السياسية، وأنّ هذا ما يفسر مواقفها "الحيادية" في كثير من القضايا الإقليمية في المنطقة. 

أما فيما يخصّ موقف مجلس الشورى وتعديل قانون مقاطعة "إسرائيل"، فإنّ هذه الخطوة لا تُعتبر متناقضةً مع موقف الحكومة العُمانية، بالعكس قد يكون ذلك بإيعاز من الحكومة نفسها في محاولة منها للتخفيف من الضغوط الدولية الداعية للتطبيع، أو كورقةٍ يمكن المساومة عليها أو التحجج بها مستقبلاً في حالة وجود مفاوضات جديّة لفتح مساراتٍ جديدة للتطبيع، وقد يفهم ذلك من ترحيب وزير الخارجية العماني بالمقترح المقدم مجلس الشورى. 

وهناك من يُفسّر ذلك المقترح بأنه قد يكون خطوةً استباقيةً من الحكومة لامتصاص أي ردّة فعل شعبيّة قبل الإعلان الرسمي عن فتح المجال الجوي للطائرات الإسرائيلية الذي صدر بعد مقترح تعديل القانون بشهرين.

وهنا من المهم الإشارة إلى أنّ هذه الخطوة لا تُكلّف عُمان كثيراً، فالعُمانيون يعرفون أنّ صلاحيات مجلس الشورى محدودة، وأنّه لا يمتلك صلاحيات تشريع القوانين أو تعديلها إلا في إطار المشورة والاقتراح. كما أنّ هذا المقترح  بالتعديل لا يعتبر نافذاً إلا بعد موافقة الحكومة وهو ليس مُلزِماً لها.2حسب ما جاء في المادة 48 من قانون مجلس عمان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2021. ولا يُعتبر أي قانون نافذاً إلا بعد مروره على مجلس الدولة ومن ثم مجلس الوزراء الذي يمكن أن يوافق عليه ويرفعه للسلطان بعد ذلك للمصادقة عليه وإصداره كمرسوم أو رفض القانون مع إبداء الأسباب لمجلس الشورى.

أما بالنسبة لمواقف مفتي عام السلطنة الشيخ أحمد الخليلي الشهيرة والرافضة للتطبيع في الأونة الأخيرة ، فإنها تعتبر مواقف متقدمة نسبيّاً بلا شك وإن كانت متباينة مع موقف الحكومة الرسمي ، لكن من المهم الإشارة هنا إلى عدة نقاط، أنّه صمت مثلاً على زيارة نتنياهو لمسقط عام 2018 ولم يصدر أي بيان. كما أنّ الكثير من بياناته تصدر عنه شخصياً لا عن مكتب الإفتاء، رغم أنّه يُمثِّل رأس الهرم فيه، وكثيراً ما يُعبّر الشيخ عن آرائه بصفته "المستقلة" في مختلف القضايا بخلاف موقف الحكومة العُمانية الرسميّة، ومثال ذلك وصفه سيطرة طالبان على كابول بأنّه "فتحٌ مُبين". ومن الممكن أن نعتبر أنّ هذا الهامش النسبيّ المُتاح للشيخ هو محاولة احتواء واعية له من قبل السلطة السياسيّة، خاصّةً أن مواقفه لا تُشكِّل إزعاجاً حقيقياً لها. 

 من يوقف عجلات القطار؟

في ظلّ الأوضاع الراهنة فإنّه من غير المتوقع حتى اللحظة أن تمضي عُمان في قطار التطبيع إلى محطة الوصول الأخيرة وتوقيع اتفاقيات رسميّة. كما أنّ هذا القطار قد يُطيل المكوث في المحطة المتأرجحة التي هو فيها اليوم إذا لم يكن هناك ما "يستدعي التغيير". ويبدو أنّ السلطنة ليست على عجلة من أمرها، وهي ذات نفس سياسيّ طويل وتفضّل العلاقات التطبيعية "الهادئة والناعمة". 

كما أنّه لا توجد "مكاسب" سياسيّة أو اقتصاديّة يمكن أن تُحقِّقها السلطنة من وراء التطبيع العلنيّ والكامل، مثل ما يزعم بعض دعاة التطبيع في العالم العربي، فعُمان دولة مستقرة على المستوى السياسيّ والاقتصاديّ وليس لديها تاريخ مواجهات عسكريّة مع الاحتلال مثل الأردن ومصر، ولا تشهد نزاعاتٍ حدوديّة أو حركات انفصاليّة داخلها مثل السودان والمغرب، ولا توجد لديها مخاوف وتهديدات من دول الجوار مثل البحرين، أو تسعى إلى بناء تحالفات أمنية وشراكة اقتصادية مثل الإمارات، بحيث يكون التطبيع له ثمن سياسيّ لتسوية مثل هذه الملفات، أسوة بما هو حاصل في اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية المطبعة والاحتلال.

وختاماً، وكما هو الحال في مختلف الدول العربيّة المُطبّعة، فإنّ الموقف الشعبي العُمانيّ ملتزم بمناهضة التطبيع، وقد عبّروا عن ذلك في مظاهرات عدة، وأيضاً من خلال وسم "عُمانيون ضدّ التطبيع" على مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كان هذا الحراك الشعبي يفتقد في كثير من الأحيان إلى الفاعلية والتنظيم بسبب غياب مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة والمستقلة.