20 سبتمبر 2024

كيف أصبح التضامن مع فلسطين جزءاً من التاريخ الماليزي؟

<strong>كيف أصبح التضامن مع فلسطين جزءاً من التاريخ الماليزي؟</strong>

في العام 1936، زار الشاب الماليزي برهان الدين حلمي بلاد الشام وحلّ ضيفاً على فلسطين وأهلها، الذين كانوا يخوضون نضالاً ضدّ الهجرة اليهودية والانتداب البريطاني. وبينما كانت المدن الفلسطينيّة تشتعل ضدّ الانتداب، حظي برهان الدين بفرصة المشاركة في الثورة الفلسطينيّة الكبرى (1936-1939)، فاعتقله البريطانيون لأربعة أشهر ثمّ رُحّل إلى ماليزيا.

بعد وصول برهان الدين بفترةٍ وجيزةٍ إلى بلده، قرر النضال بطريقته الخاصّة، فأصدر مجلة "Taman Bahagia" عام 1937، وانطلق يحشد ضدّ الاستعمار البريطانيّ ويكشف عن خططه لإنشاء وطنٍ قوميٍّ لليهود على أرض فلسطين، معرِّفَاً عن نفسه بـ"مقاتل من أجل فلسطين"، حتى اعتقله البريطانيون مجدداً (إذ كانت ماليزيا تحت الاستعمار البريطاني) وأغلقوا المجلة. 

وعلى المستوى السياسي، رفضت ماليزيا الاعتراف بالاحتلال عندما أعلن عن تأسيس دولته، ومنذ ذلك الوقت تبنت مصطلح "النكبة". وهو ما التزم به تنكو عبد الرحمن، أول رئيس وزراء لاتحاد الملايو 1955 وأوّل رئيس وزراء لماليزيا بعد الاستقلال 1957-1970. وقد عزّز عبد الرحمن جهوده الدوليّة لخدمة القضية الفلسطينية من خلال "حركة عدم الانحياز" وجولات "الأمم المتحدة"، والتي كان أبرزها موقفه إبان إحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969 حين أثار قضية مدينة القدس، وطالب بحمايةٍ دوليّةٍ وأمميّةٍ للمدينة وسكانها وبردِّ فعلٍ أممّي على أفعال الاحتلال الإسرائيلي.

في هذا المقال نتعرف على بعض من جوانب الدعم والتضامن الماليزيّ الحكومي والشعبيّ مع القضية الفلسطينيّة، خاصّةً ما ظهر منها بعد عملية "طوفان الأقصى".

مقاتلون جدد من أجل فلسطين

في العام 2004، كان بضعة طلبة قد عادوا لتوهم إلى بلدهم ماليزيا بعد التخرّج من الأزهر الشريف في مصر مقرّرين إطلاق مشروعٍ توعويّ  وإنسانيّ يهدف لرفع مستوى وعي الشعب الماليزي بالقضية الفلسطينيّة، والمساعدة في جمع التبرعات لدعم حقوق الشعب الفلسطينيّ، ليكون بذلك أول جهدٍ شعبيّ غير حكوميّ في دعم فلسطين.

وما بين عام 2004-2006، كان المشروع قد اكتسب اسم "Aman Palestin"، لِتُثمِرَ الجهود عن إنشاء أوّل تجمعٍ ماليزيّ من أجل فلسطين عام 2008 بالشراكة مع الجالية الفلسطينية، بعدها بعام استطاع المشروع الإنساني افتتاح فرعٍ له في الأراضي الفلسطينية، ليكون أول مؤسسة إسلامية من جنوب شرق آسيا تعمل على دعم الشعب الفلسطيني.

متظاهرون ماليزيون يتظاهرون بالقرب من مكتب الممثل الفلسطيني في كوالالمبور في 2 كانون ثاني/ يناير 2009، تضامناَ مع قطاع غزة في حرب الفرقان التي استمرت سبعة أيام وارتقى خلالها نحو 420 شهيداً. (تصوير: سعيد خان/ وكالة فرانس برس)

وخلال الأعوام التالية تبلورت آلية عمل المنظمات الإنسانية الماليزية وأصبحت أكثر مأسسةً وتنظيماً، وحظيت بدعمٍ من أذرع الأمم المتحدة. وبرزت في هذا المجال منظمة الرعاية الماليزية (My CARE) التي حصلت على وضع استشاري خاصّ من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC) لجهودها الإنسانية والإغاثية، لا سيما وأن جهودها الإغاثية طالت مناطق مختلفة إضافةً لفلسطين، مثل العراق واليمن وسوريا وليبيا.

دعم في اتجاهات عدّة

يقول عن هذا الإسناد فرج حنيني، رئيس "رابطة طلبة فلسطين" (PSA)، إنّ "ماليزيا بحكومتها وشعبها تقف دائماً مع فلسطين ظالمةً أو مظلومة"، بدءاً من احتضان قرابة 4-5 آلاف فلسطينيّ ما بين طالبٍ ولاجئ على أراضيها، مروراً بتجييش المؤسسات الحكوميّة والإنسانيّة والتعليميّة والمساجد لتعزيز التضامن مع فلسطين، وانتهاءً بالتعاون مع الجالية الفلسطينيّة في كل نشاطٍ حكوميّ أو شعبيّ من مهرجانات ومؤتمرات أو مسيرات".

وهو -وفقاً لكلامه- ما حوّل وجود الفلسطينيين في ماليزيا وأدوارهم في تشكيل روابط أكاديمية واجتماعية وإنسانية مع عموم الجمهور الماليزي إلى فرصةٍ للحفاظ على المساندة والمناصرة الحكوميّة والشعبيّة تجاه فلسطين وتعزيزها، لاسيما مع ما يتيحه الترحاب الماليزي للفلسطينيين من المشاركة في اللقاءات الدعويّة، وحلقات تحفيظ وتجويد القرآن الكريم، والتبادل الطلابي مع الجامعات الفلسطينية، وتبادل الأئمة السنوي خلال شهر رمضان، إضافةً للوفود الطبية الماليزي التي تبادر  في كل اعتداءٍ للاحتلال في دعم المشافي والمراكز الطبيّة والعيادات بالخبرات واللوازم الطبيّة.

يؤكد رئيس "منظمة My CARE" داتو سيري البروفيسور كمال نصر الدين بن مصطفى، العلاقة الوثيقة بين الشعب الماليزي والفلسطيني بالإشارة إلى أن السابع من أكتوبر لم يكن مفصلاً بين الشعبين، بل كان استمراراً وتوطيداً لجهودٍ سابقةٍ تضمّنت برامج الإغاثة الطارئة والتعليم ودعم الأمن الغذائي، وبناء المشافي والمدارس والانتظام في تقديم منح تعليميّة سواءً في ماليزيا أو فلسطين، كما شمل ذلك رعاية دورات التحفيظ وطلبة القرآن الكريم ودعمهم.

متظاهرون في كوالالمبور يشاركون في مسيرة حاشدة اتجهت إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية تضامناَ مع الشعب الفلسطيني، في 28 تشرين أول/ أكتوبر 2023. (تصوير: وونغ فوك لوي/LightRocket)

ناهيك عن الشراكات الإنسانيّة والإغاثيّة لـ My CARE والتعاون مع عددٍ من المنظمات الفلسطينية في ماليزيا مثل المنظمة الثقافية الفلسطينية (PCOM)، والائتلاف الدولي للقدس وفلسطين، ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ عددٍ من المشاريع بالتعاون معها ومع مؤسسات إغاثيّة أخرى في المناطق المنكوبة، وهو ما أهّل المنظمة لرئاسة لجنة جنوب شرق آسيا الإنسانية بدءاً من العام 2019.

أما عن طبيعة الدعم الشعبيّ الماليزي للفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة، فتشير المديرة المؤسسة لمركز Hashim Sani للأبحاث والدراسات الفلسطينية، وأمينة صندوق مؤسسة Viva Palestina Malaysia ، نورما هاشم إلى أن الجهد الماليزيّ أصبح مركّزاً منذ 16 عاماً وانطلق من منهجية تحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي للفلسطينيين، لا سيما مع حصار الاحتلال لقطاع غزّة، وفرص الاقتصاد المتضائلة. لذلك، توجهت الجهود لدعم طلبة الجامعات في فلسطين وماليزيا لإكمال دراستهم الجامعية، وتأمين قروض ائتمانية صغيرة للمشاريع التجارية، وتوفير سلال غذائية متوازنة.

"البقاء على الحياة" بدلاً من "الإنعاش الاقتصاديّ"

استمر الحراك السياسيّ والشعبيّ الماليزيّ  في دعم القضية الفلسطينية بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى. وقد اتخذت القيادة الماليزية قراراً بالوقوف مع حقوق الشعب الفلسطينيّ بالرغم من إدانة الدول الغربيّة وبعض الدول العربية لعملية السابع من أكتوبر، رافضةً الرضوخ لأي ضغوط، وهو ما منح المستوى الشعبيّ مساحةً مريحةً للتحرك داخل ماليزيا وخارجها لإسناد الفلسطينيّين. 

أما تمثلات ذلك، فيشرحها رئيس هيئة المساعدات الإنسانية والإغاثة الماليزية (مهار)، جسمي جوهري، بالقول: "بعد شهرٍ واحدٍ من الحرب على قطاع غزّة أطلقت الحكومة الماليزية مبادرة "عملية إحسان" التي مثّلت تعاوناً بين وزارة الخارجية مع المنظمات غير الحكومية والشركات والأفراد لتوحيد جهودهم في مساعدة فلسطين، وينخرط فيها اليوم أكثر من 100 جهة فاعلة، مؤمنةً خلال المراحل الأولى مئات الأطنان من المواد الأساسية والطبية المقدمة من الشعب الماليزي للفلسطينيين".

في المقابل، ترى نورما هاشم أنّ الحرب الحالية على قطاع غزّة قلبت موازين المنظمات الإنسانيّة وغيّرت أولوياتها بشكلٍ جذريٍّ لتصب أهدافها في "البقاء على الحياة" بدلاً من "الإنعاش الاقتصادي"، وهو ما عنى تغييراً في نوعية المعونة وأشكالها لتصبح مقتصرةً على تقديم وجبات الطعام، وتأمين مياه الشرب والملابس النظيفة، والمستلزمات الغذائية والطبية الحيوية، وإنشاء عيادات مؤقتة لعلاج الجرحى في ظل تدمير المشافي أو امتلائها.

وبرغم أهمية هذا النوع من المساعدات، إلا أنّ جسمي جوهري رئيس العمليات في "إحسان"، يرى أنّ أبرز ما يعيق الدعم الماليزي لا يكمن في الضغوط السياسيّة أو الاقتصاديّة، وإنما في التباعد الجغرافيّ الذي يجعل كلَّ عملية إسنادٍ مكلفةً جداً ومحفوفةً بمخاطر الفشل نتيجة لفساد الأغذية أو انتهاء صلاحية المواد الطبية في ظلّ إغلاق معبر رفح. دفع ذلك القائمين على العمل الإنسانيّ إلى تجهيز المعونات في الدول المحيطة، فجهّزت "إحسان" على سبيل المثال، 60 ألف سلّة غذائيّة في القاهرة وأرسلتها إلى غزّة. 

سلاح المقاطعة

برغم الحراك الماليزي المتنوع ما بين التبرعات والمسيرات، مروراً بالحراك الدبلوماسي وغير ذلك، إلا أنّ أبرز ما يظهر على الإعلام هو ميدان المقاطعة الذي حقّق فيه الشعب الماليزي نتائج لافتة، بدأت من "KFC" حين اضطرت سلسلة المطاعم لإغلاق 106 فرعاً من بين 600 فرع، مروراً بـ " McDonald's" التي تراجع معدل نموها من 16.5% في الربع الأخير عام 2022 في ماليزيا إلى 0.8% في الوقت نفسه من العام 2023. طالت المقاطعة أيضاً شركة Berjaya صاحبة امتياز سلسلة المقاهي Starbucks إذ تراجعت إيراداتها بنسبة 40%.

صورة ألتقطت في 3 أيار/ مايو 2024، تظهر متجر كنتاكي في كوالالمبور، مغلق بسبب حركة مقاطعة مؤيدة للفلسطينيين ضد سلسلة الوجبات السريعة الأمريكية بسبب دعم الحكومة الأمريكية لحرب الاحتلال على قطاع غزة. (المصدر: وكالة كيودو نيوز)
صورة ألتقطت في 3 أيار/ مايو 2024، تظهر متجر كنتاكي في كوالالمبور، مغلق بسبب حركة مقاطعة مؤيدة للفلسطينيين ضد سلسلة الوجبات السريعة الأمريكية بسبب دعم الحكومة الأمريكية لحرب الاحتلال على قطاع غزة. (المصدر: وكالة كيودو نيوز)

ولم تتوقف المقاطعة الماليزية عند حدود المنتجات، بل تجاوزتها لأي علاقات أو روابط اقتصادية، تمثل ذلك مثلاً في حراكٍ رافضٍ لصفقة خصخصة شركة المطارات الماليزية القابضة لصالح تحالفٍ تجاري يضم شركة بلاك روك الأميركية المعروفة بعلاقاتها الأمنية ودعمها لدولة الاحتلال، وقرار حكومي ماليزي بمنع السفن الإسرائيلية من دخول موانئها.

جرحى الحرب على أرض ماليزيا

أما آخر خطوات الحراك الماليزي، فكانت نقل 41 جريحاً فلسطينيّاً من مصر إلى مشافي ماليزيا لتقديم الرعاية الطبية لهم، برفقة 86 من أقاربهم، 19 منهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ12 عاماً، فيما تتراوح أعمار الجرحى ما بين الثمانية أشهر والـ 62 عاماً.

وفي مقابلة لـ"متراس"، تحدّث الشاب عبد الله بشير عبد ربه، أحد الجرحى الفلسطينيين الذين نُقلوا إلى ماليزيا، عن رحلة علاجه التي بدأت باختياره ووالدته انطلاقًا من قدرتهما الصحية على تحمل رحلةٍ جوية طويلة امتدت لـ 19 ساعة. يعاني عبد الله من بتر في القدم اليمنى، وقطع في أوتار الساعد الأيمن وتيبس في أصابع اليد اليسرى وانسداد في الأوتار، فيما تعاني والدته من أمراض القلب والضغط ووجود مياه على الرئة. وأصيب عبد الله إثر قصف الاحتلال مدرسة حليمة السعدية في بلدة جباليا شمال غزة، ويستعد حالياً لجلسات العلاج الطبيعي في المراكز الماليزية، تمهيداً لتركيب أطراف اصطناعية له مستقبلاً. 

وأشار عبد الله إلى التسهيلات التي قابلتهم بها الجهات الماليزية، وأبرزها الموافقة على سفرهم بالاعتماد فقط على البطاقة الشخصية، والاهتمام الطبيّ والترحيب الودود من مختلف الجهات.

"فليذهب ويصبح رئيساً لوزراء فلسطين"

برغم الاتفاق بين مختلف مكونات المجتمع الماليزي على دعم الشعب الفلسطينيّ، إلا أنّ انتقادات مختلفة وحملات تحريض طالت خطوة الحكومة في استقبال الجرحى الفلسطينيين، بعضها هاجم رئيس الحكومة بالقول: "فليذهب ويصبح رئيساً لوزراء فلسطين".  

وطالت الاتهامات أجهزة الحكومة تحت مبررات إهمال شعبها على حساب استقدام الجرحى الفلسطينيين، كما هوجِمَت المنظمات الإنسانيّة بدعوى أولوية التركيز على توفير العلاج الطبيّ في المشافي للماليزيين بدلاً من الأعمال الخيرية الموجهة للفلسطينيين، فيما انتشرت مواد إعلامية تحرّض على الفلسطينيين وتعتبر وجودهم في ماليزيا انزلاقاً في صراعٍ لا داعيَ له.

وردّاً على هذه الحملة، اعتبر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الوطنية الماليزية وونغ تشون واي في مقالٍ له: "أن استقبال 41 جريحاً من أصل 77 ألف جريح بسبب الإبادة يجعل الانتقادات غير منطقية"،  فماليزيا ليست الدولة الوحيدة التي تقدم المساعدة الطبية للفلسطينيين وتستقدمهم للعلاج، فقد سبقتها لذلك مصر والأردن وتركيا، كما أن استقبال الفلسطينيين جزء من الجهود الدولية الماليزية التي سمحت لـ250 ألف لاجئ فيتنامي بالدخول واستقبلت السوريين والبوسنيين أيضاً خلال أزمات بلادهم.

امرأة فلسطينية مصابة من بين 41 فلسطينيًا مصابًا وصلوا إلى ماليزيا قادمين من مصر في 16 أغسطس/آب 2024، بهدف استكمال تلقي علاجهم. (تصوير: Syaiful Redzuan/Anadolu)

فيما ردَّ على اتهامات الإهمال بالإشارة إلى تخصيص 41.2 مليار رينجت ماليزي (حوالي 96.94 مليار دولار أميركي) في ميزانية 2024 بزيادة قدرها 13% عن العام السابق، كما ارتفع متوسط الأجور لديها بنسبة 4.9% وحقق الرينجت أفضل أداء في آسيا. 

بدوره اعتبر فرج حنيني رئيس رابطة طلبة فلسطين، أن هذا الهجوم يُعبّر عن فشل الضغوط الخارجيّة في توجيه السياسة الماليزية بعيداً عن القضية الفلسطينية، معتبراً أنَّ اللعب على أوتار "العرق والأقليات" هو أكثر ما يمس المجتمع الماليزي الذي يسعى لسد أي ثغرة في هذا الجانب والتوحد لتعزيز مكانته الإقليمية والدولية.

ورأى حنيني أن الاحتلال وأعوانه "لا يلعبون على المكشوف"، ولذا فمن الوارد جداً أن تكون الانتقادات المفاجئة مؤخراً مدفوعةً من أطرافٍ ما، لكنه استبعد أن تؤثر الانتقادات على الحراك الماليزي في دعم ومناصرة قضية فلسطين أو أن تقلل حماسته. في الوقت نفسه أشار إلى أن هذه الانتقادات قد تؤديّ إلى "إعادة تقييم" لهذا الدعم، فربما تُستتبع بحملة تركيز على إنجازات الحكومة محليّاً بالتوازي مع حراكها الدولي، أو بتوسيع نطاق الدعم "شعبيّاً" ليصبح معبّراً بشكل أوضح عن التنوع العرقي الماليزي.

النضال النبيل

في الختام، فإنّ النظام السياسيّ الماليزيّ  يستند في دعمه تاريخيّاً لفلسطين على ثلاثة مبادئ هي؛ الإسلام الذي جمع شعب الملايو بشعب فلسطين، ثم الاستعمار البريطاني الذي مارس آليات اضطهاد متشابهة ما بين شبه الجزيرة المالاوية وفلسطين، وثالثاً الرابطة الماليزية مع الدول العربية والإسلامية بعد استقلالها، وشراكتها معها في عددٍ من المنظمات الدولية مثل حركة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

خلال مهرجان "تحرير فلسطين" الذي نُظم بالشراكة بين الحكومة والمنظمات تنديداً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، استعاد الوزير سيري جوهري لحظات لقائه الأخيرة بهنية في طهران، حين سأله الأخير عن أنور إبراهيم (رئيس الوزراء)، ثم قال له: "عُد لأنور وأخبره بأن يواصل نضاله النبيل"، تعهد إبراهيم إثر ذلك أنه "لن يستسلم" وأقسم مع أكثر من 20 ألف من الماليزيين المشاركين أنهم سيواصلون دعمهم ومناصرتهم حتى ترى فلسطين حُريتها وتنتصر.