بالبارود والدم، بدأت العبوة المتفجرة تشق طريقها في الضفة الغربية. مؤقتاً، لساعات وربّما حتى لدقائق، تتحرّر البقعة المفخخة عند انفجارها. لذا، لم يعد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدن الضفّة وبلداتها سهلاً، إذ تصاحب أرتال الجيبّات العسكرية المحصنة طائرات مسيّرة، وتتقدّمها "جرافات D9" الضخمة، تحفّر الطريق استكشافاً وتعطيلاً لعبوة مزروعة هنا وأخرى موضوعة هناك.
تعاظمت فاعلية العبوة المتفجرة خلال عام 2023، فمن جهة راكم المقاومون خبرتهم في تطوير حجمها وأدائها والتحكم فيها، ومن جهة أخرى توسع استعمالها؛ انطلاقاً من مخيم جنين، ومروراً بمخيمي طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، ومخيم بلاطة في نابلس، ومخيم الفارعة في طوباس، وصولاً إلى قرى وبلدات قباطية وصير وجلبون وفقوعة واليامون والسيلة الحارثية وعربونة في جنين، وعزون في قلقيلية، وطمون في طوباس، وبيت أمر في الخليل، وغيرها العديد.
لهذا، كان لا بد من تدوين سيرة حديثة ومختصرة لعبوة الضفة المتفجرة، سيرة غير مكتملة كما صاحبتها؛ الساعية إلى الكمال بفعلها وصولاً لذروة "التحرير". ترصد هذه السيرة المختصرة سياق تطور العبوة وامتدادها التاريخي القريب وتوسعها الجغرافي؛ عبر تتبع أبرز عملياتها والبحث في سير شهدائها، اعتماداً على مقابلات حصرية مع مقاومين من "كتيبة جنين" و"كتيبة طولكرم - سرايا القدس" و"كتيبة الثأر والتحرير"، وصولاً إلى محاولات تفكيكها وقطع الأيدي التي أعدتها، سواء من قبل الاحتلال أو أجهزة السلطة الفلسطينية.
الضفة تحاول استعادة عبواتها
ليست العبوات المتفجرة بالزائر الجديد على الضفة الغربية، ولكن انقطاعها لسنوات بعد الانتفاضة الثانية (2000 - 2005) أوهم بذلك. واقتباساً من إرث العبوات وأثرها، جاء تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بعملية نوعية نُفذت على "حاجز حزما" الإسرائيلي شمال القدس، بتفجير خمس عبوات، أدت لإصابة ضابط إسرائيلي بجراح خطيرة.
وبعد نحو عامين، تحديداً في كانون الثاني/ يناير 2018، زُرعت عبوات على طريق قرب بلدة علار شمال طولكرم، قبل أن تكشفها وتفككها الأجهزة الأمنية للسلطة. بحسب الاحتلال، فإنّ الخلية صنعت 13 عبوة ناسفة، تزن كل واحدة منها 30-50 كغم من المواد المتفجرة، وجعلت لها نظام تحكم لتفجيرها عن بعد، إضافة إلى إعدادها 40 عبوة أخرى كانت قد أخفتها في أحد الكهوف في منطقة طولكرم. أنبأت عبوات علار مبكراً بقدرة الضفة على استعادة هذه الأداة الفاعلة، وبأن ثمة سعي مخبوء للقفز بالفعل المقاوم.
لم تطل المحاولة بعد عبوات علار، ففي آب/ أغسطس 2019 دوى انفجارٌ في قرية دير ابزيع غرب رام الله، هذه المرة في "عين بوبين" التي يتخذها المستوطنون متنزهاً لهم. قُتلت مستوطنة وأُصيب اثنان آخران بانفجار عبوة زرعت في المكان، وتحكّم بتفجيرها المنفذون عن بعد. كشفت عملية عين بوبين عن مستوى آخر من التخطيط والتصنيع والتنفيذ، والذي جاء امتداداً لعمل خليّة تابعة لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
أول الانتشار: تهديد، إرباك، تفجير
في أيلول/ ديسمبر 2021، خرجت مسيرات مسلحة تجوب شوارع مخيم جنين، إعلاناً بأنّ المخيم جاهزٌ للدفاع عن أسرى "نفق الحرية" الستة، الذين فرّوا من "سجن جلبوع" الإسرائيلي. لكن الملفت، أنهم رفعوا بدلاً من الشعارات، عبوات متفجرة متباينة الأحجام. كان ذلك بمثابة بداية لاستعادة المخيم إحدى أبرز خصائصه القتالية، التي ظهرت في معركة نيسان/ أبريل 2002. عقد المخيم غرفة عملياته واستنفرها بعد نحو 19 عاماً من الانقطاع، بينما انشغل فتية المخيم بإعداد وتصنيع العبوات استعداداً لخوض معركة قريبة.
آنذاك، لم يستعرض الفتية عبواتهم في أزقة المخيم فقط، بل أصبحت أساساً في مواجهتهم مع قوات الاحتلال على "حاجز الجلمة" العسكري، فكان اشتعالها مربكاً لقوات الاحتلال، الذي أعلن الاستنفار تحسباً لوصول الأسرى إلى جنين. لم يصل الأسرى ولم يكتمل هروبهم، لكنه اكتمل حين كانوا شرارة شكلت حالة مقاومة جديدة في المخيم، قادتها كتيبة مقاتلة حملت اسمه "كتيبة جنين"، وقد حولت المخيم بعدها إلى ملجأ للمقاومين. وقد جاء ذلك بعد شهور قليلة على معركة "سيف القدس"، والتي شكلت ظرفاً حفز استعادة الضفة لمقاومتها وفعاليتها.
تكثفت الاشتباكات المسلحة تصدياً لاقتحامات جيش الاحتلال، ولم يعد إنزال قواته مشاة في المخيم بالأمر اليسير، ما دفع مقاومة المخيم إلى اللجوء إلى تطوير العبوات؛ من "أكواع" صغيرة الحجم تُلقى باليد، أو تلك التي هدفها بالمقام الأول إحداث انفجارات صوتية وإشعال النيران لإرباك الجنود، إلى عبوات تُفخخ بها الطرق لتحقيق استهدافات فعالة تطال الآليات العسكرية ومن فيها من جنود. وقد ساعد الضيق في مساحة المخيم، وحفظ المقاتلين لأزقته وحاراته ومعرفتهم خباياه، مع وجود حاضنة شعبية قوية، في خلق بيئة صحيّة لاستمرار التطوير على العبوات.
هكذا، انتقل تصنيع العبوات من المحاولات الفردية و"وحدة الرصد والإرباك"، إلى "وحدة الهندسة" بتنظيم وإشراف مقاتلي الكتيبة. بمعنى، أن تصنيع العبوات بات أكثر تنظيماً، كما وأصبح أساساً في المواجهة العسكرية مع قوات الاحتلال داخل مخيم جنين.
يوضح أحد مقاتلي "كتيبة جنين" لـ متراس، أنه بهدف الإسراع في تجهيز أكبر عدد من العبوات، صار إعدادها جماعياً، يتشارك فيه عدد من المقاتلين الموزعين على مجموعات، لكل منها اختصاصها: مجموعة تُصنّع هيكل العبوة، ومجموعة تعبئها بالمادة المتفجرة، ومجموعة مسؤولة عن جمعها وإعادة توزيعها. وتنفذ كل مرحلة في مكان، كجزء من الاحتياطات الأمنية وتصعيب وصول جيش الاحتلال إليها أو كشفها.
وبناء على عدّة مقابلات مع أبناء الكتائب المختلفة، فإنّ وزن العبوة المتفجرة يبدأ من كيلوغرام واحد ويصل إلى 40 كغم. بينما تستخدم في هياكل العبوات، أسطوانات الأكسجين والغاز والمواسير الحديدية، والتي تعبأ بالبارود والمواد السريعة الانفجار، ويُضاف إلى بعضها المسامير لإحداث أكبر ضرر أثناء التفجير. وتوصل العبوات بأسلاك وصواعق كهربائية، لتُفجّر عن بعد. أما تكلفة العبوة الكبيرة الواحدة، فتتراوح من 700 - 1500 شيكل (نحو 188 - 204 دولار).
وبينما كانت العبوات تشق طريقها في مخيم جنين، زُرعت عبوات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، في محطتين للحافلات غربي القدس، وتم تفجيرها عن بعد، ليقُتل فيها اثنان من المستوطنين، ويُصاب نحو 20 مستوطناً. كان وراء هذه العملية إسلام فروخ (26 عاماً)، مهندس ماكينات، قطع الحاجز بين رام الله والقدس على دراجته الكهربائية وعلى متنها العبوات، التي بدأ بإعدادها واختبارها في معمل في رام الله. وفي أيلول/ سبتمبر 2022، أي قبل العملية بشهرين، بدأ الإعداد للعملية، حسبما ورد في لائحة اتهامه.
لم تعد "النمر" نمراً
فيما يبدو، لم يستشعر الاحتلال الخطر من العبوات وتطوّرها، إلا حين وقع في كمينها الذي أعدّه مخيم جنين في 19 حزيران/ يونيو 2023. يومها اقتحم الجيش الإسرائيلي المخيم، متوقعاً أنه سيواجه تصدياً معتاداً بالاشتباكات المسلحة، إلا أن المفاجأة كانت بأرضٍ مفخخة بعبوة متفجرة تزن نحو 40 كيلوغراماً. ما إن سارت "مدرعة النمر" الإسرائيلية فوقها، حتى فجرها المقاومون عند بعد. على إثرها، أُصيب ستة من جنود الاحتلال بجراح، وأُلحق بالمدرعة ضرر كبير. وما إن انسحب الجيش حتى أخذ الفتية بتجميع حطام المركبة، قبل أن يحتفلوا بالعملية النوعية داخل مخيّمهم.
يُرجِع مقاومو الكتيبة الفضل في إعداد وزراعة العبوة إلى الشهيد تامر النشرتي، الذي ارتقى شهيداً في عملية إعداد للعبوات في 19 كانون الثاني/ يناير 2022، أي أن أثره المباشر بقي حاضراً حتى بعد استشهاده بستة شهور. لذا تيمناً به ولدوره في تأسيس "وحدة الهندسة"، أسمت الكتيبة عبواتها بـ "التامر". "الشهيد تامر صنع العبوة وزرعها بيده قبل أشهر من استشهاده"، يقول أحد مقاتلي الكتيبة في "وحدة الهندسة" لـ متراس. ويضيف: "لم يعد الجيش يقتحم المخيم إلا بالمركبات المصفحة، ولذلك أصبحت العبوات أنجح وسيلة للمواجهة، واستطعنا إنتاج أعداد كبيرة من العبوات، وتعلمنا زراعتها بالتدريج، حتى أصبحت معظم شوارع المخيم مفخخة".
جُنّ جنون جيش الاحتلال بعد عملية تفجير مدرعة النمر، وتيقن أنه أمام مرحلة جديدة من المواجهة مع مقاتلي مخيم جنين، هذه المرة بأرض مفخخة بالعبوات، لا يعرف حجمها وفاعليتها، ففي كل اقتحام يتفاجئ من تطور جديد يطرأ عليها. لذلك، وبعد نحو نصف شهر من الضربة، وتحديداً في 3 تمّوز/ يوليو 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي عمليته "حديقة وبيت" على المخيم، والتي سماها المقاتلون "بأس جنين"، وقد استمرت لثلاثة أيام، سعى خلالها جيش الاحتلال لتدمير البنية التحتية التي أسستها المقاومة في المخيم من زراعة العبوات، ونصب المتاريس، وإقامة نقاط الرصد والاشتباك، إضافة لاتخاذ مواقع عسكرية مثل مسجد الأنصار ونقطة الكتيبة في حارة الفلوجة.
"الساعة الواحدة فجراً وصلنا خبر أن الجيش بدأ اقتحام المخيم، مباشرة عبأنا حقائب الظهر بالعبوات والأكواع التي جهزناها مسبقاً، وتوزعنا على الحارات حتى نواجه الجيش"، يقول مقاتل آخر (22 عاماً) في الكتيبة لـ مترس، عن تصديهم للاحتلال في معركة "بأس جنين".
نشر جيش الاحتلال صوراً ومقاطع فيديو توثق عثوره على عشرات العبوات المتفجرة متباينة الأحجام، ما يشي بتجّهز كتيبة جنين واعتمادها في مواجهتها المقبلة مع الاحتلال على العبوات. يعلّق واحد من الكتيبة لنا: "صحيح صادروا عشرات العبوات، إلا أنه لم يؤثر على الكتيبة، فما صادروه هو شيء بسيط من تجهيزاتنا.. ففي ساعات قليلة، تجهّز الكتيبة دفعة من العبوات تحوي أكثر من مئة عبوة، واستطعنا بعد انسحابهم بساعات من استئناف تصنيع العبوات".
وفعلاً، أوفى مقاتلو الكتيبة بوعدهم باستمرارية تفخيخ أرض المخيم، حتى توسعت الرقعة المفخخة لمحيطه، فيما لم تنجح محاولات جيش الاحتلال في اغتيال مقاتلي الكتيبة وإنهاكها بالاقتحامات المتواصلة والتدمير المستمر للبنية التحتية للمخيم؛ من وضع حد لما تشهده العبوة المتفجرة من تطوير مستمر. ففي 7 كانون ثاني/ يناير 2024، وخلال معركة "طوفان الأقصى"، أدت عبوات مزروعة في حي الجابريات المحاذي للمخيم، إلى انقلاب جيبّ عسكري أدى لمقتل مجندة إسرائيلية وإصابة أربعة آخرين، وصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة.
فتوّة المخيّم
تسابق الفتية للالتحاق بركب المقاومة المتصاعدة، ليتخذوا لأنفسهم مكاناً فيها. إذ أمام تصاعد عمليات إطلاق النار والاشتباكات المسلحة، لم تعد الحجارة تشفي غليلهم، ما شكل دافعاً لهم للاتجاه إلى تصنيع الأكواع، انطلاقاً من التعلم عبر الإنترنت، حتى أصبح ذلك حجر الأساس الذي راكمت عليه المقاومة في الضفة في صناعة العبوات وتطويرها.
أمجد وليد الفايد (17 عاماً)؛ كان من أوائل الفتية الذين التحقوا بـ"كتيبة جنين"، وسعى طوال الوقت في دفع الكتيبة للاعتماد على الأكواع في التصدي لاقتحامات الجيش الإسرائيلي. لم يكن ذلك من فراغ، فهو جزء من إرث عائلته، إذ كان عمه محمد من مصنّعي العبوات ومعديها خلال معركة مخيم جنين عام 2002، وقد شارك في "كمين 13" الشهير خلال المعركة ذاتها، والذي قُتل فيه 13 جندياً إسرائيلياً. يقول وليد، والد الفتى، لـ متراس: "أمجد سعى ليكون مثل أعمامه الشهداء محمد وأمجد الذين حولوا منزلنا في معركة جنين إلى مصنع للعبوات، حتى أعلن الجيش آنذاك أن المرحلة الأولى من عمليته على المخيم انتهت بتفجير مصنع الفايد".
وفي فجر 21 أيار/ مايو 2022، استشهد أمجد وهو يتصدى بأكواعه اقتحام جيش الاحتلال المخيم، لتعلق العائلة ملصقاً جديداً على جدار منزلها، يحمل صورة أمجد إلى جانب ملصق قديم لأعمامه الشهداء. "كان أمجد ذكياً، ولو عاش أكثر لاستطاع أن يساهم بكل هذا التطوير على العبوات"، يعلق والده بفخر ممزوج بمشاعر الفقد، فهو حتى اللحظة ما يزال محتفظاً بإحدى العبوات التي بدأ أمجد بإعدادها ولم يكملها، يضعها بجوار صورته في صدر المنزل ليراها الضيوف.
سار على درب أمجد العديد من فتية مخيم جنين، فأصبحوا يعرفون بـ "فتية العبوات"، ومنهم من عُرف عنه مواجهته الصفرية مع جنود الاحتلال بالعبوات التي صنّعها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر: ضرار الكفريني، وأشرف السعدي، وعلي الغول، ويامن جرار.
استشهد ضرار الكفريني (16 عاماً)، وهو يكمن بعبواته للقوات الخاصة الإسرائيلية، وذلك في 2 آب/ أغسطس 2022، خلال عملية اعتقال القيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" بسام السعدي. يقول والده رياض لـ متراس: "كان ضرار يعمل حتى يجمع ثمن المواد التي يستخدمها في تصنيع العبوات، وبعد استشهاده عرفنا من أصدقائه أنه ترك لهم الكثير من العبوات التي صنعها". ولم يبرد نار الأب، إلا حين تفحّص الإصابة التي قتلت نجله: "عندما وجدت إصابته في صدره، ارتحت، لقد استشهد ضرار مقبلاً، لقد استشهد وهو يواجه الجنود من نقطة الصفر".
ومن الفتية من عُرف بمهارته في تصنيع العبوات. الشهيد علي الغول (17 عاماً)، أحد مقاتلي "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، واحد من هؤلاء. وقد وثق مقاطع مصورة له خلال عمليات تصنيعه للعبوات، يقول في إحداها وهو يمسك بيده كوعاً: "نحن سائرون على درب الشهداء ولن ننسى أبداً شهداءنا". وفي 3 تموز/ يوليو 2023، لم ينسَ عليٌّ الشهداء.
اقتحمت قوة من جيش الاحتلال منزل علي بحثاً عنه. يقول والده هاني لـ متراس: "قال لي ضابط الاحتلال عندما اقتحموا البيت، إننا سنقتل علي، وإذا نجا هذه المرة، فسنقتله في مرة ثانية وثالثة". لكن الفتى المشغول بمقاتلة "إسرائيل"، لم يكن في بيته خلال معركة "بأس جنين"، بل كان الميدان شاهداً تنقّله بحقيبته المعبأة بالعبوات من حي إلى آخر، إذ استدعاه رفاقه إلى حارة الدمج ليشاركهم بكمين ينصبونه لجرافة عسكرية.
ما هي إلا ساعات، حتى نعت عليّاً كلّ الفصائل. يقول والده: "الفصائل الثلاث نعت علي، وعرفت من أصحابه أنه عمل أيضاً مع الجهاد الإسلامي وفتح في تصنيع العبوات.. هذا جزء من شخصية علي صاحب الوجه البشوش، الذي يحبه الجميع، فلا يقول لا لأحد".
بالطبع، لم يقتصر انخراط الفتية بصناعة العبوات على مخيم جنين، بل امتد مع امتداد العبوات إلى قرى ومخيمات عدة. ففي مخيم بلاطة شرق نابلس، الذي عُرف في الانتفاضة الثانية بـ"عبوات الفتى أحمد سناقرة"، برز مهدي الحشاش (15 عاماً)، والمعروف بـ "شيمون المخيم"، ليكون من مؤسسي زراعة العبوات وصناعتها في المخيم. وفي 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وخلال إلقائه عبوة على قوات الاحتلال المقتحمة المخيم، باغته رصاص قناصة الاحتلال، الذي -بحسب عائلته- اخترق جسده من 18 موضعاً. كانت آخر كلماته لهم: "أنا رايح أواجه، رح أخلص عليهم أو بستشهد". استشهد مهدي، ولكنه أيضاً "خلّص عليهم" حين خلّد رفاقه أثره، بتسمية عبوات المخيم بلقبه "عبوات الشيمون".
برزت في المخيم عام 2022، كلٌّ من "كتيبة بلاطة" و"كتيبة الثأر والتحرير"، وتركزت معظم عملياتها في صد الاقتحامات عن المخيم، والتصدي لاقتحامات المستوطنين "قبر يوسف". يقول أحد مقاتلي "كتيبة الثأر والتحرير" لـ متراس: "توجهنا لزراعة العبوات في المخيم بعد تكثيف الاقتحامات من قبل جيش الاحتلال وآلياته. زرعنا العبوات في معظم مداخل أحياء المخيم، وبدأنا بتصنيع الأكواع بمواسير تبلغ 3 أنش، ثم توجهنا لتصنيع عبوات أكبر تبلغ أكبرها وزن 7 كغم، بحسب قدراتنا وإمكانياتنا، معبأة بالبارود العادي". ويضيف: "أصبحنا محاصرين داخل المخيم من قبل جيش الاحتلال، والسلطة التي تنتظر خروجنا من المخيم حتى تعتقلنا، ولذلك أصبحت العبوات أداة مهمة داخل المخيم".
أثر الطوفان: الاستدراج إلى الكمائن
تعاظم واتسع فعل العبوات في الضفة الغربية خلال معركة "طوفان الأقصى"، فلم تعد محصورة بين أسوار المخيمات، بل ونُصبت على شكل كمائن لقوات الاحتلال. ففي 8 آذار/ مارس 2024، استُدرجت قوة لجيش الاحتلال إلى كمين من العبوات في قرية السيلة الحارثية، بعد أن استهدف مقاومون حاجزاً عسكرياً قرب بؤرة "حومش" الاستيطانية بين نابلس وجنين.
وما إن بدأ جنود الاحتلال بمطاردة المقاومين تجاه القرية، حتى فجّروا بهم عبوات مزروعة في المنطقة، ما أدى لإصابة سبعة جنود، وصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة. وقد أعلنت "كتيبة جنين" مسؤوليتها عن العملية، ونشرت مقطعاً مصوراً يوثقها باسم "الإعلام الحربي"، ما يُشير إلى: تطور أدائها، وخروجها من جغرافية عملياتها التي تتركز في المخيم ومحيطه وتقتصر على وقت الاقتحامات، وتأثّرها بالجهود الإعلامية للمقاومة في قطاع غزة
سبق عملية حومش، كمين نوعي آخر في طولكرم. ففي 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أطلق مقاومون النار تجاه مركبة جندي إسرائيلي، وقتلوه بالقرب من مفرق بيت ليد. ثم قام المقاومون بحرق المركبة التي نُفذت فيها العملية، قرب قرية بلعا شرق طولكرم، ليستدرجوا قوات الاحتلال إليها. وفور وصولهم، فجّروا بهم عبوات كانوا قد زرعوها في المكان. وقد أعلنت "كتائب القسام" مسؤوليتها عن العملية، ونشرت مقطعاً مصوراً يوثق عمليتها بدءاً من إطلاق النار، إلى انقلاب المركبة ومقتل الجندي، وصولاً إلى استدراج الجنود إلى المركبة المحروقة وتفجيرها بهم.
لم يعترف جيش الاحتلال إلا بمقتل جندي واحد في عملية بيت ليد، ولم ينشر عن إصاباته، رغم المقطع المصور الذي يظهر أن الخسائر في صفوفه أكبر من ذلك. يخفي الاحتلال خسائره أحياناً، وأحياناً أخرى يأخّر الإعلان عنها. فمثلاً، في 28 آذار/ مارس 2023، أعلن جيش الاحتلال باقتضاب، أن خمسة من جنوده أُصيبوا بتفجير عبوة في منطقة صوفيين في مدينة قلقيلية، وذلك بعد شهر من العملية. ما يُشير أيضاً إلى اتساع جديد للأرض المفخخة وصولاً إلى قلقيلية، فيما يتحفظ الاحتلال على هذه العمليات في محاولة لعدم تعظيم فعلها والاقتداء بها.
أثر الطوفان امتد أيضاً إلى طوباس، حيث شهدت تصعيداً في زراعة وتفجير العبوات في المدينة ومخيم الفارعة وقرية طمون، وتبنت "وحدة الهندسة طوباس - جند الله" تنفيذ عمليات عدة لتفجير العبوات بآليات جيش الاحتلال. ففي 26 كانون الأول/ يناير 2024، أعلنت عن كمين عبوات نصبته في المدينة. فيما تكرر في طوباس أيضاً تفخيخ مركبات وتفجيرها عن بعد، عند مرور آليات الاحتلال بالقرب منها. وقد نشرت "وحدة الهندسة" على قناتها على "تليغرام"، مقاطع مصورة لعمليات تجهيز العبوات وتفجيرها بجيش الاحتلال. وهو أيضاً ما قامت به وحدة هندسة طمون، بنشر مقاطع مصورة لتصنيع عبوات ناسفة.
تفخيخ نور شمس: من الطرق إلى المنازل والمركبات
دوى الانفجار مجدداً داخل مخيم "نور شمس" في مدينة طولكرم؛ انفجارات اعتاد عليها المخيم حتى أصبحت تطمأنه. فخلافاً للمعتاد من الخوف الذي قد يصيب المرء عند دوي الانفجار، يكرّر أهالي المخيم بعد كلّ صوت انفجار: "الحمدلله الشباب موجودة".
مع إعلان "كتيبة طولكرم - سرايا القدس" تشكلها في المخيم في آذار/ مارس 2023، برزت العبوات كأداة أساسية في مقاومتها وتصديها لقوات الاحتلال، وعملت على تطويرها بشكل مستمر. يقول محمد جابر، المعروف بـ"أبو شجاع"، قائد الكتيبة وأحد مؤسسيها والناطق باسمها لـ متراس: "من بداية تأسيسنا اعتمدنا على العبوات، صحيح أن هناك عساكر يحملون السلاح في الكتيبة، ولكنّا نعتمد بالأساس على وحدة هندسة في الكتيبة تصنع وتعد العبوات".
في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قُتل جندي إسرائيلي وأُصيب تسعة جنود آخرين بتفجير عبوة بقوة راجلة اقتحمت حي المنشية في المخيم، ليعلم حينها جيش الاحتلال أنه بمواجهة حقل من الألغام. أخذ الاحتلال بشن اقتحامات متكررة على المخيم بالآليات العسكرية المحصنة، تتقدمها الجرافات التي تجرف وتدمر البنية التحتية في المخيم. يعلّق أبو شجاع، الذي له من كنيته نصيب: "العبوات هي التي تؤثر، صحيح نحن نجاهد ونطلب الشهادة، ولكننا نريد أن نوجعهم، ونريد أن نصنع حالة من بعدنا، ولذلك فالعبوات هي الأساس".
يضيف أبو شجاع: "لدينا ما لدينا من العبوات، لن نقول ماذا عملنا وماذا سنعمل ولكن الميدان سيشهد". وفعلاً، تُعد الكتيبة مفاجآتها من العبوات عند كل اقتحام لجيش الاحتلال، وتظهر تطوراً مستمراً ومتصاعداً في أدائها وحجمها. ففي 4 كانون الثاني/ يناير 2024، مرّ جنود الاحتلال بجانب سيّارة في المخيم، لم تكن مثل باقي السيّارات، ولكنها كانت ممتلئة بالمتفجّرات، المرتبطة بجهاز تحكّم عن بعد، فانفجرت بهم، فأُصيب اثنان منهم بجراح. كما وأعلن جيش الاحتلال يومها، أنه عثر على مبنى مفخخ بالعبوات، المربوطة بمحيطه والطرق المؤدية إليه.
وبينما ينشغل جيش الاحتلال بالاقتحام تلو الآخر لمخيم نور شمس بهدف القضاء على عبواته الناسفة، تمكنت "كتيبة طولكرم" في 19 شباط/ فبراير 2024، من زراعة وتفجير عبوة بمركبة للمستوطنين، على بعد نحو 30 كم من المخيم، وتحديداً بالقرب من قرية برقة شمال غرب نابلس.
وتخليداً لشهدائها، أسمت الكتيبة العبوات بأسمائهم، ابتداءً من "عبوات السيف" نسبة لمؤسس الكتيبة الشهيد سيف أبو لبدة، و"عبوة الأسامة" نسبة للشهيد أسامة صبح أحد مقاتلي العبوات في الكتيبة، و"عبوة المحمود" نسبة للشهيد محمود جابر، و"عبوة الغيث" نسبة للشهيد غيث شحادة. وذلك أيضاً ما اتبعته المجموعات المسلحة، إذ أسمت "وحدة الهندسة - طوباس" عبواتها بـ "الأحمدين"، وأسمت "وحدة التصنيع في طمون" عبواتها بـ "التامر" و"العلوش" و"اليونس".
وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من مخيم نور شمس، ثمّة رقعة مفخخة أخرى: مخيم طولكرم. إذ برزت فيها أيضاً العبوات كوسيلة قتالية، تعتمد عليها "كتيبة الرد السريع". وفي 19 كانون الثاني/ يناير 2024، أعلن جيش الاحتلال خلال عملية شنها على المخيم دامت لنحو 45 ساعة، عثوره على أكثر من 400 عبوة ناسفة، وعشرات العبوات المزروعة تحت الطرق، وخمس مختبرات لصناعة العبوات. وسبق في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وخلال اقتحام جيش الاحتلال المخيم، إصابة خمسة جنود، وصفت جراح بعضهم بالخطيرة، إثر تفجير عبوة فيهم.
شهداء الإعداد الذين حُذفوا من السجلّ
مخيم بلاطة، نابلس، فجر 21 حزيران/ يونيو 2023، وبينما محمد وعلاء يُعدّان العبوة المتفجرة، وصل إليهما خبر قوات الاحتلال وهي في طريقها إلى المخيم. أسرع الشابان بصب المواد المتفجرة داخل العبوة، وعلى عجل أوصلا الأسلاك كي يسبقوا آليات الاحتلال، لكنّها انفجرت بهم، فارتقيا شهيدين على الفور، وأصيب صديق لهم آخر، فعلقت برأسه عظمة تطايرت من جسدي صاحبيه، وبقي هو ليروي ما حصل معهما.
"حين انفجرت العبوة، سمعت صوت يهمس بأذني: الحقي محمد. فنزلت أركض في المخيم أبحث عنه"، تقول أماني والدة محمد حشاش لـ متراس. ولكن، لم يجرؤ أحد إخبار أماني ما حل بنجلها، حتى وصلت إلى المستشفى. "كان علاء مقطعاً، لم أعرفه إلا من حذائه، أما محمد فعرفته من قميصه.. كان وداعهم صعباً"، تصف أماني، ثمّ تضيف: "كان ينتابه إحساس بأنه سوف يستشهد، فأوصاني أن أعلق صورته وأكتب عليها: أم الشهيد".
بدماء الشهداء وأرواحهم، والإصابات البليغة بأجساد المقاومين، تطورت العبوات وتوسعت في الضفة. فقبل عمليّة تفجيرها في جيش الاحتلال، هناك عملٌ دقيقٌ ودؤوب في الخفاء، لا نعلمه الله يعلمه، محفوفٌ بكثير من المخاطر؛ خطأ بسيط قد يؤدي إلى انفجار العبوة بين ذراعي صاحبها.
ارتقى عدد من شهداء إعداد وتجهيز العبوات بين عامي 2022-2023، ومن نجا من انفجار العبوة فيه، أُصيب بحروق شديدة أو بترت أطرافه، وعانى بصمت خوفاً من ملاحقة جيش الاحتلال، الذي لم يتوانى عن اعتقالهم وتصفيتهم رغم جراحهم.
فصائل وكتائب المقاومة نعت مقاوميها من شهداء الإعداد، وشيعتهم مخيماتهم وقراهم في جنازات مهيبة. ومع ذلك، فلم ترد أسماؤهم في بيانات الشهداء الصادرة عن مؤسسات السلطة الفلسطينية. ومن شهداء الإعداد: تامر النشرتي (23 عاماً) من مخيم جنين، وعايد القني (30عاماً) من قرية كفر قليل جنوبي نابلس وهو أحد مقاتلي "عرين الأسود"، ومهدي الحلو (20 عاماً) من مخيم طولكرم، وبراء نائل دويكات (26 عاماً) من بلدة روجيب شرق نابلس، ومحمد حشاش (17عاما) وعلاء حفناوي (18عاما) من مخيم بلاطة.
السلطة وجزّ العبوات
بعد أن فجّر المقاومون مدرعة النمر في جنين، اكتشف الناس وحدة هندسية أخرى، لكنها وحدة تُفكّك العبوات لا تُصنّعها، وشتّان بين الوحدتين. وكالعادة، لم تتأخر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية عن أداء مهمتها، حيث بدأت حربها على العبوات في كل رقعة فخختها المقاومة، وذلك بالكشف عنها وتفكيكها وملاحقة المقاومين الذين يُصنّعونها، فتسهّل بذلك اقتحامات جيش الاحتلال.
يقول أحد مقاتلي "كتيبة الثأر والتحرير" في مخيم بلاطة، أنه في 26 حزيران/ يونيو 2023، تواصل الأجهزة الأمنية معهم وطالبتهم بفك العبوات المجهزة، كونها ستدخل المخيم لتلاحق بعض المطلوبين جنائياً. لكنه بعد ساعات تبين للكتيبة، أنها اقتحمت منازل المقاومين في المخيم ولاحقتهم. وفور انسحابها، اقتحم جيش الاحتلال المخيم، ولم تكن العبوات مجهزة للتفجير. وبعدها في آب/ أغسطس 2023، داهمت أجهزة السلطة بآلياتها وجرافاتها مداخل المخيم وأزالت بالقوة المتاريس المفخخة، واشتبكت مع المقاومين الذين تصدوا لها.
وفي 30 آب/ أغسطس 2023، استشهد عبد أبو عقل (22 عاماً) برصاص الأجهزة الأمنية خلال مواجهات اندلعت في مخيم طولكرم، بعد أن رفضت الكتيبة إزالة العبوات والمتاريس التي زرعتها في المخيم. وفي قرية ميثلون في جنين، تكررت اقتحامات أجهزة السلطة وتفكيك العبوات وملاحقة المقاومين، وقد واجهها الأهالي بالتصدي، قبل أن تقمعهم بالغاز والرصاص. وذلك ما تكرر في الأحياء المحيطة بمخيم جنين، أبرزها حي الجابريات ومنطقة دوار الحصان. كذلك في قرية طمون في طوباس، حيث صادرت السلطة نحو 40 عبوة. ونشرت وحدة هندسة طمون بياناً قالت فيه، إن ما صادرته الأجهزة كان كميناً معداً للتفجير بجيش الاحتلال: "قد كان بوسعنا نسفهم جميعاً مع وحدتهم الخاصة بالمتفجرات"، وأضاف البيان: "ما أخذتموه اضربوه بـ 50 لتعلموا عدد ما لدينا [من عبوات]".
لم يقتصر تفكيك أجهزة السلطة للعبوات على جنين وطولكرم، بل امتد إلى قرى لا تستطيع دخولها إلا بتنسيق مع جيش الاحتلال، مثل قرية عزون شرق قلقيلية. زرع مقاومو عزون العبوات الناسفة في طريق آليات جيش الاحتلال قرب جدار الفصل الذي يحيط القرية، وبالقرب من مداخلها، وفي بعض أحيائها، وتمكنوا من تفجير بعضها تصدياً لاقتحامات الاحتلال. تيقظت أجهزة السلطة سريعاً لتصاعد العبوات في عزون، وبدأت باقتحامات متكررة للقرية لتفكيك العبوات المزروعة ومصادرة أخرى. ففي 24 كانون الأول/ ديسمبر 2023، فككت أجهزة السلطة 3 عبوات ناسفة كبيرة الحجم، وصادرت مجموعة من القنابل محلية الصنع، وبعد انسحابها اقتحم جيش الاحتلال المكان، وأجرى عمليات تفتيش دقيقة. وفي اليوم 28 من الشهر ذاته، صادرت مركبة تحتوي على عبوات ناسفة كبيرة. وفي 3 شباط/ فبراير 2024، فكّكت أجهزة السلطة عبوات ناسفة كبيرة الحجم مزروعة تحت شوارع داخل القرية.
أرضٌ أعيدت ولو لثانية..
تتوسع الرقعة المفخخة في الضفة يوماً بعد يوم، وذلك في ذروة ما يُفرض عليها من قيود أمنية معقدة من ناحية الاحتلال؛ بمنظومته العسكرية والرقابية والاستيطانية، ومن ناحية السلطة ودورها في حصار المقاومة. وفي ظل ذلك كله، تستمرّ صناعة العبوات من الصفر، وبطرق وأدوات بدائية، يطورون عليها، ثمّ يخرجونها من جغرافيتهم المحدودة إلى جغرافية أرحب.
وعدا عن الأثر المادي الذي تلحقه العبوات بجنود الاحتلال وآلياته، إلا أن لها أثراً معنويّاً في الاحتلال الذي يخشى من انفلات الأوضاع الأمنية في الضفة، ويخشى على جنوده وآلياته، حتى باتت الجرّافات والطائرات المسيّرة العناوين الأبرز للاقتحامات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ العبوات لها أثراً ومعنى أعمق في نفوس المقاومين وحاضنتهم الشعبية. بالنسبة لهم، فإنّ تفخيخ الأرض يعني استعادتها، استعادة للعلاقة بين المقاوم وأرضه، للعلاقة التي يحاول الاستيطان ضربها، ولكنها هذه المرة؛ ليست استعادة بالشجر، بل بالعبوات المتفجّرة.