أقتربُ مني1قائد كتيبة الشهيد عماد عقل في لواء شمال قطاع غزة، نجا من محاولتي اغتيال في مخيم جباليا فقد خلالها إحدى عينيه، واستهدفه الاحتلال بقصف للمرة الثالثة في في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، أصيب خلاله بجراح خطيرة وفقد ذراعيه الاثنتين، قبل أن يرتقى شهيداً متأثراً بجراحه بعد ثلاثة أيام.
هذه الحرب..
جعلتني أقتربُ منّي أكثر ..
أكتشفُ نفسي أمامَ نفسي..
أُعرّي نفسي لنفسي..
جعلتني ملاّحاً فيها ..
رحالةً في خباياها..
عوني دعائي
اللهُمّ عرّفني نفسي..
اللهم شوقاً إليّ..
اللهم إنّي نويتُ ألاّ أكون إلّا نفسي..
يا رب أمِتْ فيّ ما لستُ أنا!
ضلّ يا رب من لا هاديّ له من نفسِه..
يا رب قوّني لأقتلَ فيّ ما لست أنا..
وما زال قلبي يتذكر تلقين شيخي لي:
قتلُ النفوسِ حياتُها .. مَنْ شاءَ يُحيّيها يموت
أقتل نفسي؟!
نعم .. نعم
آه كم يحييني هذا!
****
من أنا؟ من أنا؟
أنا ذرة في كتاب اللّٰه المنظور..
أنا آية في كتاب اللّٰه المسطور ..
أخذْ ربّي منِّي عهداً وأنا في صُلب أبي..
لا تتركنا.. لا تتركنا
وابقَ على عتبة باب عبوديتنا..
حتى لو أغلقنا في وجهك الباب..
وطردناك..
وأمسكنا عليك رزقك..
وأشقيناك بزوجةٍ غاضبة..
وولد عاق!
وابتليناك..
بنقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات..
لا تبرح.. لا تبرح.. لا تبرح
والزم بابنا.. وأدم الطرق..
ولا تغادره ..
يوشك أن يُفتح لك..
لكني يا رب
ضللت طريق عبوديتك..
وانفككتُ عن عُصبة الخير والبر..
فصرت كالغنمة القاصية..
في قطيع العاصين والمذنبين..
فانقض عليّ شيطاني..
في غفلةٍ من نفسي..
عن نفسي..
وعن دربي..
وعن إخواني..
وعنك!
فضاعت مني صلوات..
ونسيتُ الفجر حاضراً..
وتركت الشروق وصلوات الضحى..
وشُلّ لساني عن التسبيح..
وانشغل بغيبةٍ ونميمةٍ وثرثرة..
وخوضٍ في أعراض إخواني..
وأطلقتُ بصري في الحرام..
وتكاسلتُ عن نشاطي الدعوي..
بإغراء شيطاني أنّي قيادي!
فتركت مجلسي التربوي..
بتدليس إبليس أنّي قد تجاوزت!
وأن التربية للناشئين الصاعدين!
ولم أعُد أشهد نشاطات مسجدي..
حتى لا يراني غيري بأني أُرى!
وأنّ عندي وقتاً أقضيه مع إخواني..
فتنفضح كذبتي الكبرى: إني مشغول!
وتباطأت عن تسديد الاشتراك المالي..
خوفاً من الفاقة والفقر..
يا اللّه كم أُسيء الأدب معك!
أخشى الفقر والفاقة وأنت ربي؟!
وعدتني أن الرزق والأجل بيدك..
لكنني ما سمعت منك..
وأغراني شيطاني..
فزللتُ.. وأزللت!
واشتكى وردي من ورودي..
وهجرته تلاوةً وسماعًا وتدبرا..
فران قلبي..
ثم ران..
ثم أصبح كالكوز مُجخيّا..
لا يعرف معروفًا..
ولا ينكر منكرًا..
يا الله..
ماذا فعلتْ نفسي بنفسي؟!
كنت حمامة مسجدي..
أنتظر الصلاة إلى الصلاة..
أقف خاشعاً في الصف الأول..
أُنافسُ عليه المُصلّين..
ثم أصبح التأخر لصيقاً بي..
وصفةً لي..
ولا يزال قوم يتأخرون في الدنيا..
حتى يؤخرهم الله في الآخرة..
واحدة بواحدة..
وما كان ربك بظلّام للعبيد!
****
ربِّ
أعنّي لأكون عبدك..
يقظاً بك.. بصيراً بصراطك..
محاسباً لنفسي..
تواباً من ذنوبي..
منيباً إليك.. معتصماً بك..
فاراً منكَ إليك..
مراقباً لك..
منيباً ..
خاشعاً لك مخبتاً..
محسن الظن بك..
****
يا رب..
عبادك يرتقون الدرجات..
وأنا ما زلتُ من دركةٍ إلى دركات..
يا رب..
رحمتك، وعفوك، ولطفك، ورضاك..
حطّم صنمي..
واجعلني عند نفسي صغيراً..
انقلني من الدركات إلى الدرجات
واجعلني من أهل المدارج..
وطلاّب المعارج..
واجعلني من عبادك..
السائرين بك إليك..
الذين يعبدونك حق عبوديتك..
ويتنقلون منك وإليك
بين منازل
"إياك نعبد وإياك نستعين"..
الراجي عفو ربه/ أبو عبيدة
الجمعة 13 محرم 1446هـ
الموافق 2024/07/19 م