17 فبراير 2024

حتى لا يسقط حجر آخر في القدس

حتى لا يسقط حجر آخر في القدس

بينما تلقى المشروع الاستيطاني في غلاف غزة ضربة موجعة في 7 أكتوبر، باختراقه والاشتباك في قلبه، تسرّع آلة الاستيطان وتيرتها في القدس مستغلةً الوقت لفرض وقائع جديدة على الأرض. هذا ما يحدث تحديداً في حي الأرمن جنوب البلدة القديمة للقدس، حيث يعتصم الأهالي رفضاً لصفقة تسريب عقارات أجراها بطريرك الكنيسة الأرمنية نورهان مانوغيان.

تشمل صفقة التسريب أرض "حديقة البقر" المحاذية لسور القدس الغربي والجنوبي، والتي حُوّلت بموجب عقد بين البطريرك الأرمني وبلدية الاحتلال إلى مصف للسيارات يخدم المستوطنين في "حارة اليهود". القصة لم تنتهِ هنا، إذ كُشف لاحقاً عن أن البطريركية أجرّت الأرض وعقارات مجاورة لها بمساحة 11 ألف متر مربع (25% من مجمل مساحة الحي) لصالح إقامة فندق إسرائيلي استيطاني.

يطالب الفلسطينيون الأرمن بمحاسبة المسؤولين عن الصفقة وعزلهم وكشف جميع تفاصيلها، ويحاولون العمل على إبطال الصفقة. يذكر أن أرض "حديقة البقر" المذكورة هي واحدة من المساحات الخالية القليلة جداً في البلدة القديمة، والتي كان يأمل أهالي حي الأرمن استغلالها لبناء وحدات سكنية للأزواج الشابة.

قضية هذه الأرض تمس الوجود العربي والإسلامي في القدس، فحي الأرمن ليس معزولاً عن مجمل سياسات الاستيطان في بلدة القدس القديمة. إذ أن فقدان هذه الأرض يعزز الوجود الاستيطاني في "حارة اليهود" المحاذية، ويتيح التمدد الاستيطاني جغرافياً واستيلائه على حيّز جديد.

وبينما يستمر أهالي الحي في الاعتصام والاحتجاج، مطالبين بمعرفة مصير عقارات كنيستهم، يُذكّر البعض بضرورة عدم التعامل مع القضية كقضية محليّة تخص الأرمن وحدهم، بل هي واحدة من قضايا القدس المُلحة، شأنها كشأن بقية العقارات والأوقاف المسيحية والإسلامية المهددة في المدينة، ما يستدعي مقاومةً أوسع تشمل الجميع، وتستعمل كل ما في قدرتها، لمنع سقوط حجر آخر في القدس، والذي يعني فتح الباب لمزيد من الأحجار لتسقط.