في ليل 31 ديسمبر 1947، قبل أن تدخل فلسطين العام الذي غيّر مصير أجيالٍ من الفلسطينيين للأبد، كانت قوّات الـ"بلماح" ترتكب مجزرة يقلّ الحديث عنها..
بلد الشيخ
ثاني أكبر قُرى قضاء حيفا قبل النكبة، سكنها قبل التهجير أكثر من 4700 فلسطينيّ. تُنسبُ للشيخ الصوفيّ عبد الله السّهلي، الذي أقطعه السّلطان العثمانيّ سليم الأول أراضيها (القرن الـ16).
على الطريق بين بلد الشيخ وحيفا، تقع قرية "حوّاسة الفوقا". آوت عائلاتٍ هُجّرت من مرج ابن عامر، بعد أن باعت عائلاتٌ إقطاعية لبنانية الأراضي التي سكنتها للصهاينة.
لقربهما من حيفا، آوت القريتان، وبالذات حوّاسة، عشرات العُمّال الفلسطينيّين الذين وفدوا للمدينة من مختلف مناطق فلسطين للعمل في مصفاة تكرير النفط البريطانيّة هناك.
ديسمبر 1947
بدأت القصّة بتفجيرٍ صهيونيّ أمام مصفاة النفط بينما كان عشرات العمال الفلسطينيّين ينتظرون أمام منشأة المصفاة أملاً في الحصول على عمل، فجّرت منظمة الـ"إتسل" الصهيونيّة قنبلة وسطهم، فاستشهد 6 عمّال، وجُرح 42 آخرون من مختلف قرى ومدن فلسطين.
ثم "ثورة" العمّال على استهدافهم
لم يسكت الفلسطينيّون على ذلك الاعتداء الغادر، دافعوا عن أنفسهم، فهجموا على العمّال المستوطنين في نفس المصفاة، وقتلوا بالسكاكين والفؤوس ما يقارب 40 منهم (بعض المصادر تشير إلى 39 قتيلاً).
31.12.1947
بالقنابل اليدويّة والرصاص، وبينما الناس نيام، هاجمت قوّاتُ الـ"بلماح" حوّاسة وبلد الشيخ، باعتبارهما مرتبطتين بعمّال المصفاة، واشتبك معهم بعض المناضلين رغم التسليح الضعيف. استُشهد نحو 60 فلسطينيّاً وفلسطينيّة من الأطفال والنساء والرجال، وقُتل 3 صهاينة.
إثر المذبحة هُجّر مع مطلع عام النكبة (1948) الكثير من سكان القريتين، ثمّ هُجّر البقية نهاية أبريل/نيسان 1948 بعد هجوم القوات الصهيونية مرة أخرى عليهما واحتلالهما تماماً.
لم يتبق في المنطقة سوى منزلين أحدهما يستعمل ككنيس يهودي، ومقبرة إسلامية انتُهكت أغلب قبورها، تضم قبر الشيخ عز الدين القسام. وعلى أراضي حوّاسة أُسست مستوطنة "تل حنان" التابعة لمستوطنة نيشر القريبة.