26 يناير 2022

قُطبة على قُطبة.. هكذا طرّزت جدّاتنا أثوابهنّ

قُطبة على قُطبة.. هكذا طرّزت جدّاتنا أثوابهنّ

من الحياة في "البلاد" بتفاصيلها قبل النكبة، وما جلبته من تشظٍّ بعدها، صوّرت الفلسطينية حياتها مطرّزة على ثوبها، ولبست تلك الحياة في أحوالها المختلفة. عن التطريز الفلسطيني وبعض معانيه وتأويلاته..

التطريز
استعمال الخيط، (حرير، قطن، صوف) بِغَرزِه على القماش، بواسطة الإبرة، يدويّاً أو بالماكنة، بطرق مختلفة لإنتاج وحدات زخرفيّة متنوعة.

القُطبة
أو الغرزة، هي أساس التطريز الفلسطيني، والواحدة منها تُسمّى "حبّة"، من أشكالها:

  • القُطبة الفلّاحية (الصليب X)، وهي الأوسع انتشاراً.
  • قُطبة البتّ: ضلع مائل يستخدم لتعبئة المساحات "/".
  • قُطبة التحريري (التلحيمية): تشتهر بها القدس وبيت لحم.

تفنّنت الفلسطينيات في تطريز أثوابهنّ، فكانت مناطق البلاد (وأحياناً القرى المتجاورة) تتمايز في ألوان الثوب وقماشه ورسوماته ووحداته التطريزية، لتُعرف هويّةُ المرأة من ثوبها.

حتى ثلاثينيات القرن الماضي، اعتمد التطريز بالمقام الأول على أشكالٍ هندسيّة، ثمّ ظهرت عناصر أخرى كالزهور والطيور مع دخول كتيّبات التطريز الغربيّ إلى الأسواق الفلسطينيّة. (المصدر: كتاب "التطريز الفلسطيني: "غرزة الفلاحي" التقليدية")

الثوب مرآة البيئة

استلهمت الفلسطينيّةُ وحدات التطريز من بيئتها المحليّة، مثل أشجار السرو والنخيل والعنب والزهور والطيور والغزلان والنجوم، وزخارف الفن الإسلاميّ وأشكاله الهندسيّة.

رسائل للناظر

دلّت كثافة التطريز في الثوب (أو قلّته) على غنى مرتديته (أو فقرها)، وبينما ارتدت النسوة الكبار أثواباً أقلّ تطريزاً وأهدأ لوناً، كالكحليّ، ارتدت الصبايا أثواباً بألوان صارخة كالأحمر.

أثوابنا تحمل نكبتنا

بعض الأنماط التطريزية ترمز لعلاقات اجتماعيّة معينة مثل عِرق* "الكنّة والحماة". وبعد النكبة دخلت أنماطٌ ترمز لحالة التشرّد، مثل عِرق طريق مصر وطريق الشام وطريق الكويت. *العِرق هو تكرار وحدة تطريزية أو أكثر فوق أو بجانب بعضها البعض.

تأريخ سياسيّ

بعض العروق استُلهمت من أحداثٍ سياسيّة معيّنة، وأخرى غُيّرت أسماؤها لتواكب أحداثاً بارزة، مثل: قبور اليهود، بيغن والسادات، خط بارليف، نقشة هامرشولد، البارودة، الصاروخ.

ثوب الانتفاضة

طُرِّز بالقطبة الفلاحيّة في قرى الخليل بعد اندلاع الانتفاضة الأولى، إذ كان ممنوعاً على الفلسطينيّين رفع علمهم، فطرّزته النسوة على أثوابهنّ ليكون حاضراً دون عناء رفعه.