بساتين عامرة ومياه جارية، موقع مرتفع وهواء عليل! هذه كانت مدينة صفورية قبل أن يأتي الاحتلال ويحولها إلى مدينة مفرغة من أهلها وتاريخها ومن سال عرقهم وهم يحرثون أراضيها.
صفورية
من كبرى قرى الجليل، أنشئت قبل آلاف السنين على تلٍ يقع شمال غرب الناصرة. تضم آثاراً كنعانية ورومانية وصليبية وإسلامية، واعتقد البعض أنها مسقط رأس مريم العذراء.
حتى عام 1948
سكن صفورية 5 آلاف نسمة عملوا بالرعي وزراعة أراضيهم المشهورة برمانها وزعفرانها وقمحها. وفيها عيون ماء أهمها القسطل، وقد ردمها الاحتلال عام 2018.
تضمّ القرية آثاراً من عصورٍ مختلفة، أبرزها قلعة التل التي بناها الظاهر العمر عام 1745 وما تزال بقاياها ظاهرة حتى اليوم، وكنيسة القديسة حنة، وقلعة صليبية ومدرج وفسيفساء رومانية.
حتى الرمق الأخير
قاوم أهالي صفورية وجيشُ الإنقاذ العربي العصاباتِ الصهيونية، إلى أن قصفتها الأخيرة واحتلتها بالكامل في يوليو 1948، فطردت جميع سكانها ودمّرت مسجدها وبيوتها.
"هوجمت صفورية في رمضان، كان الأهالي ينتظرون على موائد الإفطار صوت الأذان، ليفطروا بعد نهار متعب، وفي لحظة الأذان بدأت الطائرات بالقصف، ليهلع السكان تاركين الموائد كما هي". أمين علي، أحد مهجري صفورية في مقابلة مع موقع (عرب 48)
تشتت أهالي صفورية بين من لجأ للناصرة وسكن في حي يُعرف اليوم "بحيّ الصفافرة"، ومن لجأ إلى لبنان وسوريا، ويتراوح عدد أبنائهم وأحفادهم اليوم
بين 50 - 60 ألف لاجئ.
أقام الاحتلال على أنقاضها عدة مستوطنات، أبرزها "تسيبوري" عام 1949، ووضع بوابة إلكترونية على مدخلها للمستوطنين. كما أعلن منطقة واسعة منها "حديقة وطنية إسرائيلية" عام 1993.
"عندما نزور القرية، علينا أن ننتظر أمام بوابة كهربائية لحين خروج إحدى سيارات سكان المستوطنة الإسرائيليين لتفتح البوابة، ونتمكن الدخول خلسة إلى بلد آبائنا وأجدادنا". رنا العوايسة، جيلٌ ثانٍ من مهجري صفورية، مقابلة مع "الميادين".
بقي من صفورية بضع منازل تخفيها غابةٌ كثيفةٌ من الصنوبر، وفيها اليوم كنيسٌ يهوديّ ومقبرة إسرائيلية أقيمت على أنقاض مقامٍ إسلاميّ قديم.