"هؤلاء الفلّاحون لا يشتهون شيئاً مثلما يشتهون السلاح".. عن سلاحٍ يندر وجوده فتُغنّى له المواويل وتكتب الأشعار وتُبذل الأرواح.. في نقيضٍ سلاحٍ مرخيّ على الأكتاف لا يُرى إلّا في الخلافات العائلية والاحتفالات!
في الهوية والوعي الفلسطينيّ، تحمل البندقية رمزيةً كبيرةً جداً، تمثلت في الأغاني والأمثال والتناويح والفن التشكيلي والملصقات.
1834
بدأت رمزية البندقية تتشكل مع بداية تشكّل الهويّة الوطنيّة الفلسطينية، أي مع الثورة الفلسطينية على الحملة المصرية، والتي رافقها قانون سحب السلاح من الفلسطينيين.
عندما سُحبت آلاف البنادق ومُنع تداولها وحملها
صار اقتناؤها اشتهاءً عند الفلسطينيين، لشعورهم بفقد "القدرة على السيطرة على المصير".
قبل ثورة 1936
كان هناك شغف فلسطيني كبير بالبندقية لقلة وجودها وإدراك المجتمع حاجته للسلاح للدفاع عن نفسه، وقد تطور هذا الشعور تحديداً بعد هبة البراق 1929.
ظهر ذلك الشغف في الأغاني الشعبية وقصائد شعراء كثر كإبراهيم طوقان ونوح إبراهيم.
جفرا وهي يا الربع ربع المراتين*
شلال ينبع نبع دم الفلسطيني
لما يغيب القمر تضوي شراييني
وتزخ زخ المطر ع دروب الحرية
*المراتين جمعة مرتينة/ martini وهي بندقية حملها الجيش الإنجليزي.
في بداية 1930
وتحديداً بعد فضيحة القبض على السلاح الصهيونيّ المهرّب، صار التسلح مطلباً شعبياً وعُقد مؤتمر التسليح الأول في نابلس، ثم ما لبثت أن انطلقت الثورة لتغادر البندقية رمزيتها وتصبح أداة فاعلة.
بعد النكبة
تكثف ترميز البندقيّة في العمل الأدبيّ، وبعد النكسة كانت رمزاً لرفض التنازل والتسوية وجذب المقاتلين وربطها بقيم البطولة، وعبّرت عن ذلك الملصقات السياسيّة.
ارتبط شكل البارودة بالمخيال التصويري للفلسطينيين وفق المرحلة الزمنية للنضال:
- في ثورة 1936 بندقية martini
- في الحرب العالمية الثانية بندقيتا sten و bren
- في فترة الثورة الفلسطينية المعاصرة شاع شغف الكلاشينكوف.
- مع انطلاق انتفاضة الأقصى حلّت البندقية الأميركية M16 محلّ الكلاشينكوف.
وفي زمننا هذا حيث شح السلاح
عادت رمزية سلاح الكارلو، البندقية المصنعة يدوياً، والتي استشهد كاتب هذا النص عام 2017 وهو مشتبكٌ مع عدوّه متسلّحاً بها.