16 أغسطس 2021

عيادة سجن الرملة

عيادة سجن الرملة

"الأسرى في عيادة الرملة جثثٌ تتحلل على الأسِرّة.. لا شيء فيهم سوى الروح".. عن مكانٍ آخر ما يمكن تسميته به "عيادة":

يعاني الأسرى من الاكتظاظ وسـوء التغذيـة، ويُهمل المسنون والجرحى وذوو الاحتياجات الخاصة، ويُترك المعزولون فتراتٍ طويلة في الظلمة والرطوبة تحت الأرض، فتتراجع صحتهم يوماً بعد يوم.

عيادة سجن الرملة

سجنٌ من أسوأ سجون الاحتلال صيتاً، يقع داخل مجمع أمنيٌ كبير شيّده الإنجليز عام 1934 بين الرملة واللد، يتكون من 4 غرفٍ متقابلةٍ فقط تحوي أسرّة حديدية أو اسمنتية لا طبيّة محاطة بسورٍ عالٍ.

في "الرملة" الممرض سجّان والطبيب -إن وجد- مجرمٌ بزيّ السجّان، الغرف ضيّقة جداً دون تهوية، بعض الأسرى أجبرتهم أمراضهم على الإقامة فيها سنين طويلة ليشهدوا الرحيل المؤلم للعشرات من رفاقهم.

في 2021

بلغ عدد المرضى المقيمين في "العيادة" 12 أسيراً، غالبيتهم مشلولون لا يستطيعون خدمة أنفسهم، أبرزهم الأسير منصور موقدي القابع منذ 19 عاماً، والأسير خالد الشاويش المعتقل منذ 14 عاماً في ذات المسلخ.

"كان وجعاً لا يطاق يسكن كلّ مكانٍ من جسد خالد الشاويش طوال الوقت، وكان منصور موقدي يحمل أحشاءه في يده كلما تحرك وهو مُقعد". الأسير محمد التاج عن عيادة سجن الرملة (2013).

من يدخل سجن الرملة بمرضٍ بسيط يخرج منه بأمراضٍ خطيرة، وهو "المحطّة الأخيرة التي تسبق الشهادة" في عُرف الأسرى، ينقلون لجحيمه بعد مماطلةٍ لسنوات، وفيه تُهمل أوجاعهم ويقال لهم إنهم "يتوهمون".

هناك، دائماً ما "يُخطئ" الأطباء في التشخيص، يصفون علاجاتٍ خاطئة أو تسبب الإدمان حتى تتفاقم الحالة، والدواء الموحّد لجميع الأمراض هو "الأكامول"، أمّا صورة الأشعة فتحتاج سنتين، والعمليّة المستعجلة سنوات.

رغم أوجاعهم، يُترك الأسرى للعناية بجروحهم وحدهم، يقيّدون في أسرّتهم -حتى الضرير والمسن منهم-، يتعرضون للتفتيش المستمرّ الوحشيّ حيث يُرمى بهم أرضاً وتفتش الأجهزة الطبيّة و"أكياس التبول".

دوّن الأسير المحرر وليد الهودلي بعض المشاهد المأساويّة عن عيادة سجن الرملة في كتاب "مدفن الأحياء":

"هناك الأرواح تنتظر ملك الموت بفارغ الصبر، وتشعر أنه على وشك الأخذ بيدها والرحيل من وسط هـذه الأدغال التي تناوشته فيها وحوشها".