25 ديسمبر 2023

أحفاد يهوذا الإسخريوطي

أحفاد يهوذا الإسخريوطي

في ساحة كنيسة المهد، انتشر عناصر الأمن الوقائي في مهمة جديدة سعت لحراسة السماسرة من أساقفة باعوا وسربوا عقارات وأراضي الكنائس في فلسطين للمستوطنين ومشاريعهم. حرصت السلطة كل الحرص ألا يسمع هؤلاء السماسرة كلمة رفض فلسطينية واحدة، فانتشروا عشية 25 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بأعداد كبيرة في مدينة بيت لحم، وشددوا الحراسة على الكنيسة ومحيطها، ومنعوا وصول أي شخص اعتقدوا أنه سيعلن رفضه.

قبل أيّام، وتحديداً في 21 من الشهر نفسه، اجتمع هؤلاء الأساقفة وزعماء كنائس القدس، على رأسهم البطريرك ثيوفيلوس مع رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ، ضمن لقاء دوري يُعقد قبيل كل عيد ميلاد، إلا أنه يُعقد هذه المرة، على شلال الدماء النازف في قطاع غزة، على أشلاء الأطفال التي يُمزّقها الطيران الإسرائيلي بقذائف أميركية، وعلى أنقاض الكنائس ومؤسساتها التي لم يستثنها القصف.

كذلك، فإنّ هؤلاء الأساقفة لم يخجلوا أو يخفوا يوماً تورطهم بصفقات مشبوهة توالت على مر السنين بتسريب ممتلكات الكنائس للاحتلال ومستوطنيه، آخرها ومن أخطرها تسريب "حديقة البقر" في بلدة القدس القديمة قبل شهر، فكانوا سبباً لاستمرار الاستيطان وسيطرته على أراض واسعة واستراتيجية في القدس والداخل المحتل.

وفي ظل ذلك كله، كان الرفض محدوداً لا يتجاوز التوقيع على بيان لم يسمن ولم يغني من جوع، فلم تُنظم مثلاً تظاهرات تليق بهذه الجريمة، وذلك بسبب غياب قيادة مسيحية وطنية تتبنى هذا الحراك وترتقي به وتراكم عليه، وتتبنى موقفاً جذرياً رافضاً للسلطة والاحتلال والاستيلاء على الكنائس.

لقد قدّم هؤلاء الأساقفة والزعماء صكوك غفران للاحتلال، وقدّموا موافقة صريحة على جرائمه. كما أنّ حماية السلطة لهم، هي بعضٌ من تورطها المستمرّ في منح أساقفة القدس وأهمهم ثيوفيلوس، السلطة الكنسية، والموافقة على صفقاتهم مع المستوطنين.

هؤلاء رجال الدين الذين التقوا برئيس دولة الاحتلال، هم امتدادٌ ليهوذا الإسخريوطي، الذي سلّم سيدنا المسيح لليهود كي يقتلوه، وهم اليوم يفعلون الأمر نفسه: يسلّمون غزّة للاحتلال الإسرائيلي. ولما قرّر الناس الاعتراض والاجتماع، جاءت قوات أمن يهوذا الإسخريوطي وقمعتهم.