كان تخصيصُ منهاجٍ تعليميٍّ خاصٍّ بالطائفة الدرزيّة في فلسطين، خطوةً مفصليّةً من سلسلة خطوات أخرى قامت بها سلطاتُ الاحتلال الإسرائيلي ما بين السنوات 1956-1975 بهدف فصل الدروز عن مجتمعهم العربيّ الفلسطينيّ، ومحاولة استمالتهم لصالح المشروع الصهيونيّ.
بدأت تلك الخطوات بالخطوة الأشهر عام 1956؛ فرض التجنيد الإجباريّ عليهم، وعلى الشركس، ومن ثمّ عام 1957 تمّ الاعتراف بهم كأقلية دينيّة إثنية منفصلة، أيّ اعتبارهم إثنية مختلفة، وكأنهم ليسوا عرباً. لاحقاً، فُصِلت المجالس المحليّة للقرى الفلسطينيّة الدرزيّة عن بقية المجالس العربيّة. عام 1963، ولتثبيت سياسات الفصل والتشويه، أنشِئت محاكم دينيّة خاصّة بالدروز، والذين كانوا قبل ذلك التاريخ يتعاملون مع المحاكم الشّرعية الإسلاميّة. توّسعت سياسات الفصل حتى طالت الأعياد الدينية؛ في عام 1969 أُلغي الاعتراف بعيد الفطر كعيدٍ رسميٍّ للدروز، وفي مقابله اعتُرِف بما سُمّي "عيد النبي شعيب" كعيد رسميّ للدروز.
لجنتا دور وشخطرمان لتعزيز الأسرلة
كلّ تلك الخطوات لم تكن كافية لتُرضي سلطات الاحتلال، وتوصلها لمبتغاها. صحيح أن "إسرائيل" فرضت التجنيد على الدروز، واشترت ولاء بعض المشايخ، إلا أنّ ذلك لم يؤدِ إلى نسب تجنيد عالية بالقدر الذي يُرضي أهداف "إسرائيل". خلال السّبعينيات، ارتفعت مظاهر الاحتجاج ضدّ سياسات "إسرائيل" في أوساط الدروز، ولعل ما عكس ذلك في حينه، من بين مظاهر عديدة، نسبة التصويت العالية نسبيّاً للحزب الشيوعي، الذي عُدّ حينها مؤشراً على رفض سياسات الحكومة. عدا عن ذلك، تأسست في تلك الفترة لجنة المبادرة العربيّة الدرزيّة التي نادت برفض التجنيد الإجباريّ والتصدي لمصادرة الأراضي.
عام 1974، ولتدارك الموقف، شكّلت حكومة الاحتلال لجنةً برلمانيّةً سُمّيت بـ"لجنة شخطرمان"، ولجنة أخرى حكوميّة باسم "بن دور". قدّمت اللجنتان توصياتهما عام 1975، التي تطرقت لقضايا عدّة تخصّ العرب عامّةً والدروز خاصّةً، كقضايا الأراضي، والميزانيات، والتطوير الاقتصاديّ، إضافةً إلى التعليم. بالمجمل، هدفت تلك التوصيات إلى ترسيخ فصل الدروز عن انتمائهم العربيّ والإسلاميّ، وتعزيز سلخهم عن مجتمعهم الفلسطينيّ في مقابل تعزيز هويتهم الطائفيّة واختلاق هوية إثنية درزيّة. أما الوسيلة الأبرز فهي من خلال تثبيت فصل جهاز التعليم في قراهم، وتأسيس جهاز تعليميّ خاصّ للدروز.
لجنة بن دور، تطرقت إلى بنية جهاز التعليم، وكانت أبرز توصياتها "فصل المدارس الرسميّة في القرى الدرزيّة عن دائرة التعليم العربيّ، ووضع برامج تعليم خاصّة بالدروز، أي وضع كتب تدريس في مواضيع العربيّة والعبريّة والتاريخ والجغرافيا خاصّة بالدروز دون غيرهم، مع استحداث موضوع التراث الدرزيّ".1تدريز" جهاز التعليم الرسميّ في القرى العربيّة-الدرزيّة، يسري خيزران، من "العرب الدروز في إسرائيل: مقاربات وقراءات نظريّة وسياسيّة ناقدة"، مدى الكرمل، 2018
أما توصيات لجنة شخطرمان في مجال التعليم، فقد "اكتسبت أهميّة خاصّةً، لأنها أوضحت الأهداف الوظيفيّة التي يجب على جهاز التعليم الرسميّ تطبيقُها لدى الدروز".2المصدر السابق.من بين توصياتها: أن يكون كلّ المعلمين في المدارس الدرزيّة دروزاً، وأن يُدعى ضباط دروز سابقون في جيش الاحتلال للحديث عن تجاربهم في الجيش بهدف ترويج الخدمة العسكريّة، ودمج كل المدارس الدرزيّة في الحركة الكشفية العبريّة. كما تطّرقت التوصيات لمراحل ما بعد الدوام الدراسي، فأوصت بإقامة نوادٍ شبابيّة في كل القرى الدرزيّة، وكذلك بمنح تسهيلات خاصّة للخريجين الدروز بعد إنهاء خدمتهم العسكريّة.
بتعبير لجنة دور، فإن مثل هكذا برامج ستساهم في "زوال الشعور السائد بالإحباط والناجم عن مشكلة الهوية، هذا إضافةً إلى تعزيز العلاقات المُميزة بين اليهود والدروز وتوسيع الإلمام بالثقافة اليهوديّة وبلورة الكيان الدرزيّ الإسرائيليّ".3المصدر السابق
يمكن القول إنّ التركيز على قطاع التعليم باعتباره ميداناً للعمل المكثف على تشويه الوعي لدى الشّباب الدروز كان نقطةً مفصليةً في هذه العملية، لأنها نجحت إلى مدى مُعيّن لا يُستهان به في تحقيق أهدافها، وإن لم تنجح كُلياً كما تأملت "إسرائيل".
في الفترة الأولى التي شهدت تطبيق تلك التوصيات، شهدت السّاحة الدرزيّة احتجاجاً ضدّ خطوات فصل التعليم. في الصّورة أدناه، نرى رسالةً داخليّةً أُرسِلَت إلى يتسحاك نفون، الذي كان وزيراً للمعارف الإسرائيلية آنذاك، تُخبره بحجم الشّكاوى والاحتجاجات التي تقدّم بها الدروز ضدّ اللجنة المُكلّفة بمعالجة قضايا التعليم لدى الدروز، وضدّ رئيسها، وضدّ المضامين التعليميّة التي أقرتها. تبعاً لذلك توصي الرسالة بإقامة لجنة مستقلة جديدة تُعيد البحث في قضية التعليم لدى الدروز من جديد.
يُنهي المرسل رسالته بالقول إنّه لم يكن ليلتفت لهذا الموضوع، ولم يكن ليرسل الرسالة، لولا العدد الكبير والمتكرر من الشّكاوى التي تقدّم بها الدروز ضدّ التغييرات في قطاع التعليم.
هل نجحت "إسرائيل" في مبتغاها؟
يمكن تمييز مستويين للنجاح الإسرائيليّ في هذا الإطار. الأول هو أن المخطط الإسرائيلي لفصل جهاز التعليم لدى الدروز قد نجح بالفعل. وذلك رغم الاحتجاجات التي قادتها شخصياتٌ وطنيّةٌ في الطائفة مثل سميح القاسم، ولجنة المبادرة العربيّة الدرزيّة، وغيرهم.
على صعيد شرائح المجتمع الفلسطينيّ المختلفة، عجزتُ -لغرض هذا المقال- عن إيجاد معلومات عن مظاهر احتجاجيّة لديها. ذلك رغم أن التوصيات التي تعلقت بمدارس الدروز مسّت -بشكل أو بآخر- مختلف شرائح المجتمع الفلسطينيّ في الداخل، لا الدروز وحدهم. مثلاً، أملت التوصيات بكل وضوح على طرد أي مُعلمين غير دروز أو غير يهود من المدارس الدرزيّة، وعلى نقل طلاب غير دروز يتعلمون في القرى ذات الغالبية الدرزيّة إلى مدارس "عربيّة" في قرى مجاورة.
خلقت تلك التوصيات عدة مشاكل إداريّة تعليميّة، فمثلاً لم يكن هناك عدد كافٍ من المعلمين الدروز. كان الحلّ لدى سلطات الاحتلال هو البحث عن أي حلّ حتى لو كان رديئاً على المستوى التعليميّ، المهم أن لا يكون هناك غير الدروز في المدارس، أو اليهود. لذلك، لجأت سلطات التعليم إلى تعيين معلمين يهود، أو تعيين خريجات من المرحلة الثانويّة لتعليم صفوف الابتدائيّة. هنا تظهر بوضوح أهمية الموقف بالنسبة للاحتلال، حتى أنه استغنى عن إجراءاتٍ مهنيّةٍ وتدريجيّةٍ لتطبيق المخطط.
أثر ذلك لا زال واضحاً حتى اليوم، إذ تعتبر مستويات التعليم لدى الدروز من المستويات المتدنية إجمالاً في أوساط الفلسطينيين في الداخل.4أحرزت بعض المدارس الدرزيّة في السّنوات الأخيرة تقدماً في نتائج طلابها، وقد تم إبراز ذلك والافتخار به كدليل على التطوير، إلا أن ذلك كان غالباً بفضل اجتهاد طاقم المدرسة والمجلس المحليّ، لا السياسات الحكوميّة الإسرائيلية.. الأمر الثاني الذي ما زالت آثاره واضحة حتى اليوم هو، أنّنا نجد طلاباً من قرى مثل البقيعة وكفر سميع (القرى التي تحوي غالبية درزيّة وأقلية مسيحيّة ومسلمة)، يدرسون -في غالبهم- في قرى مجاورة ذات غالبية مسيحيّة ومسلمة، بدل أن يدرسوا في مدارس قراهم.
أما المستوى الثاني للنجاح الإسرائيليّ في تطبيق هذه الخطّة، فيتعلق بفاعلية المضامين التعليميّة الجديدة التّي أُقِّرَت، والتي هدفت إلى خلق "وعي درزيّ إسرائيليّ" جديد يتوازى مع خلق هوية درزيّة إسرائيليّة. عملت هذه الجهود على عدة مستويات، كالخلط بين الدين والإثنية، وتحويل الإيمان الدينيّ -الدرزيّة هنا- إلى هويّة قوميّة داخل "إسرائيل". إضافةً إلى رواية حلف الدم المزعومة بين النبيّ شعيب والنبيّ موسى، ورواية المصير المشترك كأقلية ملاحقة على مرّ التاريخ من قبل الأغلبية التي تُكّفرهم وتريد إبادتهم -التي هي هنا المسلمين والعرب من حولهم. بناء على ذلك، تتحدث المضامين عن الولاء للحاكم أيّاً كان لغرض الحماية والبقاء.
تطّلب هذا الأمر محو المركبين العربيّ والفلسطينيّ من تعريف الهويّة عند الدروز، وتزييف الحقائق التاريخيّة فيما يتعلق بالعلاقة "الحميمة" مع اليهود ما قبل النكبة، والادعاء أنّ الدروز طلبوا الانصهار في المجتمع الإسرائيليّ عن طريق التجنيد في جيش الاحتلال. على مدار عقود، استخدم التعليم كميدان عمل يتم من خلاله العمل على محو وإقصاء المضامين التي تربط الدروز بتاريخهم العربيّ السّياسيّ، وبالتأكيد الفلسطينيّ، بموازاة خلق مضامين جديدة تتطرق لقصص دينيّة واجتماعيّة، وكأنها خاصّة بالدروز وحدهم، يتم تمريرها من خلال مادة استُحدثت بعنوان "التراث الدرزيّ".
بدأ بتدريس "التراث الدرزيّ" في المدارس الدرزيّة عام 1977، بواقع ساعتين أسبوعيتين لمختلف المراحل الدراسيّة. تحمل هذه المادة مضامين تُعزّز الفصل بين الدروز والعرب، وتُدرج عادات وتقاليد ومفاهيم تنتمي للحضارة العربيّة الإسلاميّة ككلّ، على أنها خاصّة بالدروز، دون الإشارة إلى سياقها الأوسع. مثلاً، يمكن قراءة قصص من التراث الشعبيّ في هذه الكتب على أنها قصص تخصّ الدروز، مع أنها ذات صلة بأي قرية ريفيّة في فلسطين وبلاد الشّام عامّةً.
شيئاً فشيئاً، تم تأسيس وصف الدروز كقومية مستقلة، لا كطائفة تنتمي للمجتمع العربيّ الفلسطينيّ، وأصبح هذا التعريف متجذراً بين كثيرين، ويُبث للمجتمع الدوليّ.
مضامين التعليم طريقاً للجيش
إضافة إلى خلق "هوية درزيّة" منفصلة عن انتمائها العربيّ، تحمل كتبُ التعليم المدرسيّ وبرامجه مضامين عسكريّة، وحتى يهوديّة، بهدف تقوية الصّلة بين الفرد والدولة وولائه الأعمى لها، والتي تتمثل بالتعاطف مع رموزها وتاريخها وحقّها بالوجود والمصير والعدو المشتركين. كما تُعزّز تلك المضامين الرواية حول الدرزيّ المقاتل الشّجاع في دفاعه عن الدولة التي يحبّ، والتي يخدمها فيما تقدم له الحماية والأمان والحقوق الاجتماعيّة والسياسيّة.
تهدف تلك المضامين الشّاب الدرزيّ لتجهيزه للخدمة في جيش الاحتلال، عن طريق تطبيع مسألة التجنيد في وعيه طوال المسيرة التعليمية ومن الصفوف الأولى، وهدفها النهائي إيصال الشاب إلى فرن الصهر الأكبر والباني للهوية الإسرائيليّة المبرمجة، وختم الدخول الأخير للمجتمع الإسرائيليّ، أي الخدمة العسكريّة.
هنا تدخل الرسالة بصورة مدروسة ومبرمجة من خلال مختلف المواضيع التعليميّة؛ فنجدها مثلاً في حصص "الحقل والوطن والمجتمع" (الدروس المُسمّاة "شيلح" (של"ח))، واللغة العربيّة، لا بل الرياضيات كذلك، بشكل مباشر أو غير مباشر. مثلاً، قد نجد نصّاً يُعلّم مسألة لغويّة أو يطرح مسألةً رياضيّة من خلال استعمال أمثلة وقصص ذات علاقة بالسياق العسكريّ الإسرائيليّ.
في المرحلة الثانويّة، تتكثف محاولات تجهيز الطالب الدرزيّ للجيش، فيتم خلالها تنظيم لقاءات ومحاضرات للطلاب مع جنود وضباط دروز من الجيش ووحداته، ليتحدثوا عن تجاربهم، ويُشجعوا الطلاب على الانخراط مثلهم في الجيش. كما تُنظم للطلاب الدروز رحلات ميدانيّة خاصّة إلى القواعد العسكريّة الإسرائيليّة، وفي كثير من الأحيان تكون بمشاركة مدارس يهوديّة.
كلّ ذلك يتم بالتزامن مع الوقت الذي تبدأ فيه المؤسسة العسكريّة بالتواصل بشكلٍ مباشرٍ مع الشّاب الدرزيّ، وتطلب منه في أمر المثول الأول للجيش، أي في عمر 16-17 عاماً، إجراء فحوصاتٍ طبيّةٍ وذهنيّةٍ، تساعدهم في تصنيفه للوحدة العسكريّة التي تلائم معطياته واحتياجات المؤسسة العسكريّة.
بعد التخرج من المدرسة وقبل موعد التجنيد الرسميّ، تتلقف الطالب برامج تحضيريّة للخدمة العسكريّة، بهدف تجهيزه جسديّاً ومعلوماتيّاً وملائمته للوحدات المقاتلة، وتقديم خدمة عسكريّة "فعّالة".
التأثير على المدى البعيد
هذه الرسائل المتتالية التي تستهدف الشباب الدروز تجعلهم أقل اهتماماً بالتعليم العالي، وأكبر مؤشر لذلك هو الفرق الكبير بين المستوى الأكاديمي لدى الشّاب الدرزيّ -بشكل عام- وبين المستوى الأكاديميّ لدى الشّابة الدرزيّة. بحسب مسح دائرة الإحصاء الإسرائيليّة لعام 2015، فإن 64.1% من الطلاب الدروز لدرجة البكالوريوس هم من النساء.
يتبع ذلك تأثيرات اقتصاديّة وثقافيّة، وأحياناً اجتماعيّة داخل الأسر الدرزيّة. فمثلاً حققت نسبة الطلاق في المجتمع الدرزيّ أعلى ارتفاعٍ بين كلّ المجتمعات في الداخل خلال الأعوام الأخيرة. كما ازدادت ظواهر سلبيّة أخرى مثل العنف الأسريّ، وهي ظواهر مرتبطة بالعسكرة وتوّفر السّلاح العسكريّ. كما يمكن النظر إلى تفكك الروابط العائليّة التقليديّة والمجتمعيّة، والتي من أسبابها غياب الشّاب عن عائلته وقت خدمته العسكريّة، وهو غياب قد يستمر بعدها إن توّظف في إحدى المسارات الأمنيّة، كحارسٍ مثلاً. هذا إضافةً إلى تدني نسب الولادة بين الدروز لتُصبح الأكثر انخفاضاً داخل "إسرائيل".
مع كلّ هذا، إلا أنه يمكن أن نعتبر أن "النجاح" الإسرائيليّ لم يُحقق بشكلٍ مطلق. منذ النكبة حتى اليوم، نجحت عائلاتٌ درزيّة وقياداتٌ دينيّة وسياسيّة وأكاديميّة بالحفاظ على هويتها وانتمائها العربيّ الفلسطينيّ، وبالتالي مقاومة السّياسات الإسرائيليّة الموّجهة. شكّلت بعض تلك الوجوه تياراً حافظ على هويته العربيّة والفلسطينيّة، ورفض التجنيد وغسيل الدماغ رغم ملاحقته، وهو تيار نراه اليوم ينمو بتسارع، وتنضم إليه فئات جديدة خاصّةً في ضوء الاحتكاكات المتكررة والمتزايدة مع مؤسسات الحكومة في الآونة الأخيرة.
من بين هذا التيار يبرز كذلك حراك "أرفض.. شعبك بيحميك" وتزايد عدد الرافضين للخدمة العسكريّة عامةً، وبروز وعي أكبر داخل المجتمع الدرزيّ للمؤامرة الصهيونية ضدّ المجتمع العربيّ في الداخل، واستخدام الدروز كأداة لهذا الغرض.
في الختام، يمكن القول إنّ نسبة الدروز الذين تم محو هويّتهم العربيّة بنجاح هي نسبة قليلة، ولكن النسبة الأكبر والمؤسفة هي نسبة من تم فصله وقطع اهتمامه بالمشهد السياسيّ الفلسطينيّ. في المقابل، لا نغفل عن أن مظاهر الوعي الوطنيّ بين الشباب الدروز بدأت تتصاعد، وأنّ أغلب ما تبثه البروباغندا الصهيونيّة مزيفٌ لخدمة مصالحها، كتعمدها التعتيم على التيار المقاوم لها بين الدروز في مقابل إبراز المتأسرلين، أو في تعمدها عرض أرقام ونسب غير صحيحة عن نسبة التجنيد. كلّ ذلك يهدف إلى تغذية الصورة النمطيّة عند الشعب الفلسطينيّ ضدّ الدروز، وتبعد الدروز عنه من ناحية أخرى.
يمكن من خلال هذا الاستعراض المختصر والسريع، أن نتخيل مسيرة غسل الدماغ المركّبة والمكثفة التي تعرض لها أي شاب درزي يلبس اليوم الزيّ العسكريّ، بهدف تغييب انتمائه وأصله العربيّ الفلسطينيّ، والتي أوصلته لهذا الموقع، وجعلته ضحية احتلال مضاعف للأرض والوعي الوطنيّ والسياسيّ.