5 مايو 2020

أعمال سينمائيّة فلسطينيّة أَحبَطَتْها "كورونا"

أعمال سينمائيّة فلسطينيّة أَحبَطَتْها "كورونا"

شهدنا مؤخراً إلغاء أحداثٍ وعروض ثقافيّة بسبب فيروس "كورونا". في مواجهة ذلك، تُحاول بعض المؤسسات والجهات الثقافيّة المُضي قدماً بوسائل تكنولوجيّة، كالبثّ المباشر للحفلات الموسيقيّة والعروض المسرحيّة عبر الإنترنت.  

في عالم السينما، لقيت مهرجانات سينمائيّة نفس المصير. على الصعيد العالميّ مثلاً، أجلّت الاستوديوهات إطلاق أفلامٍ ذات رواجٍ عال، وأَغلقت دور السينما في المدن الكبرى أبوابها كجزءٍ من الجهود المبذولة لمنع التجمعات وإبطاء انتشار الفيروس. إضافةً الى تعليق إنتاج عددٍ من المشاريع السينمائيّة حول العالم. وكذلك لجأ البعضُ إلى تقنية البث عبر الإنترنت. 

لكن كيف هو الحال بالنسبة لصنّاع الأفلام المستقلة، الفئة التي ينتمي إليها أغلبُ صنّاع الأفلام في فلسطين؟ 

كان من المفترض أن يُتوّج هذا العام بنشاطٍ بارزٍ ومتطوّر تشهده صناعة السينما الفلسطينيَّة على مستوى الكمّ والنوع. تأتي هذه القفزة في عدد الأعمال التي كان من المقرر إنتاجها رغم شحّ المصادر لتمويل السينما، وقلّة الموارد البشريّة الفلسطينيّة في هذا المجال، والتي طالما شكّلت عائقاً أمام المنتجين والمخرجين. هذه المرة، لم يكن العائق متعلقاً بالتمويل أو الموارد البشريّة، بل بفيروسٍ عالميّ.

تتفاوت درجةُ تأثير جائحة "كورونا" على الإنتاجات السينمائيّة الفلسطينية باختلاف مراحلها الإنتاجيّة. تستعرض هذه المادّة أهم الأعمال السينمائيّة التي عُلّقت أو توقّفت إنتاجيّاً بمختلف مراحلها، أو تلك التي رأت الضوء بطرق مبتكرة في  ظلِّ الظروف الراهنة.

إغلاق مواقع تصوير


صالون هدى

أوقف المخرج هاني أبو أسعد، مخرج فيلميْ "الجنة الآن" عام 2005 و"عمر" عام 2013 ، تصوير فيلمه الروائيّ السابع "صالون هدى"، بعد أن أتمّ النصفَ الأوّل من مرحلة التصوير. فبمجرد أن أُعلِن عن الإغلاق التام في البلاد، عاد الطاقم الأجنبيّ إلى بلدانهم ليتمكّنوا من التواجد مع ذويهم. 

الفيلم من بطولة الممثلتيْن ميساء عبد الهادي، ومنال عوض، والممثل علي سليمان. ويأتي تصوير هذا الفيلم بعد محاولة أبو أسعد العملَ في هوليوود، وإخراجه لفيلم "The Mountain Between Us" عام 2017، من بطولة إدريس ألبا (Idris Elba) وكايت وينسلت (Kate Winslet).

 عطلة أسبوع في غزّة

بعد فيلمه القصير "السّلام عليك يا مريم" عام 2016، والذي ترشّح للأوسكار عن فئة أفضلِ فيلم قصير، بدأ المخرج الفلسطينيّ باسل خليل بالعمل على تصوير فيلمه الروائيّ الطويل الأوّل "عطلة أسبوع في غزّة". يشارك في الفيلم الممثل آدم بكري، وشادن قنبورة، وماريّا زريق.

وللمفارقة، يحكي الفيلم قصة وباء ينتشر في العالم كلّه، بينما تكون غزّة هي المكان الوحيد الآمن أمام انتشار الفيروس. وقد كان من المفترض أن يبدأ تصوير الفيلم خلال شهر مارس/آذار الماضي، إلا أن ذلك عُلّق بعد منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي تجمعات لأكثر من 10 أشخاص، واستمرار التقييدات إلى اليوم. 



سو-سو


عملت المخرجة الشّابة ريم جبران طيلة الأشهر التي سبقت مارس/آذار الماضي على إنهاء التحضيرات لتصوير فيلمها "سو-سو"، وهو كذلك مشروع تخرّجها من جامعة كاليفورنيا؛ حضر أغلب أعضاء طاقم الفيلم إلى فلسطين، وباشروا بالتحضيرات في مدينة أريحا بالتحديد. لكن بضعة أيام قبل البدء، أُعلِنَ عن وقف مطار بن غوريون الإسرائيليّ استقبال أي مسافرين من فرنسا، والنمسا، وإيطاليا، وغيرها.

أثّر ذلك على تحضيرات الفيلم لأن الشّخصية الرئيسية فيه هي الممثلة والمُخرجة لينا سويلم، والتي كان من المفترض أن تأتي في حينه من باريس. لاحقاً، ومع تتابع الأخبار عن مزيد من التقييدات في الضّفة الغربيّة، وكذلك في أراضي الـ48، حزم أفراد طاقم الفيلم أمتعتهم وعادوا إلى ديارهم.



إغلاق الحدود: تأجيل مرحلة المونتاج 


 200 متر

بعض الأفلام كانت أوفر حظّاً بأن تمّت مراحل التصوير لها قبل انتشار الوباء. المخرج الشّاب أمين نايفة أنهى التصوير والمونتاج لفيلمه الروائيّ الطويل الأوّل - "200 متر"، وعاد إلى فلسطين قبل إغلاق المطارات والمعابر بيومٍ واحد. حالياً، ينشغل نايفة في عملية "الميكساج" عند بعد عبر الإنترنت.

تدور أحداثُ الفيلم حول رجل من الضفّة الغربيّة متزوجٍ بامرأة من الداخل المحتل. هي حالة كلاسيكيّة لعائلة شرذمها الاحتلال، وشتّتها بالجدار وبقوانين لمِّ الشمل. يدخل الابنُ مستشفى إسرائيليّاً يبعد عن منزلِ والده- بطل الفيلم- مسافة 200 متر، ولكن بسبب التقييدات الإسرائيليّة، تتحوّل هذه المسافة إلى 200 كيلومتر.

يشارك في الفيلم الممثلون والممثلات: علي سليمان، ولمى زريق، وسامية البكري، وغسّان عبّاس، ونبيل الراعي، ومعتز ملحيس، وغسان الاشقر، وآنا امتنبرغر، ومحمود أبو عيطة.



غزّة حبيبتي

بعد فيلمهما الروائيّ الطويل الأوّل "ديجراديه" (2015)، يعمل المخرجان التوأمان الغزيّان "عرب وطرزان" على المراحل النهائية من إنتاج فيلمهما الروائيّ الثاني "Gaza Mon Amour" عبر الإنترنت. من حظّهما كذلك أنّهما أنهيا التصوير في شهر ديسمبر/كانون الأوّل المنصرم في الأردن.

المخرجان أحمد ومحمد أبو ناصر، المعروفان بـ"عرب وطرزان".

يروي الفيلم قصّة الصيّاد عيسى من غزّة، البالغ من العمر 60 عاماً، والواقع في حبّ سهام سرّاً. حين يعلَق تمثال "أبولو" الأثري صدفةً في شِباك الصيد، يقرّر إخفاءه، دون أن يعرف ما الذي سيفعله بالكنزِ الغامض. رغم ذلك، يشعر في أعماقه بأنّ "أبولو" اكتشافٌ سيغيّر حياته إلى الأبد. تزداد ثقة عيسى بنفسه، ويقرر التقرّب من سهام، والإفصاح عن حبّه.

يشارك في الفيلم الممثلون والممثلات: سليم ضو، وهيام عبّاس، وميساء عبد الهادي، ومنال عوض، وهيثم العمري، وجورج إسكندر.

تقنية الستريمينج تزدهر

 جزائرهم

أنهت الممثلة والمخرجة لينا سويلم فيلمها "جزائرهم"، الذي عملت عليه منذ 3 سنوات، باحثةً ومصوّرةً ومنتجةً، وهو فيلمها الوثائقيّ الطويل الأوّل. يتناول الفيلم قصّة جدّ سويلم وجدّتها، مبروك وعائشة، وهما زوجان قدما من الجزائر إلى فرنسا، وقرّرا الانفصال بعد 62 عاماً من العيش سوياً في بلاد غريبة.

كانت لينا مبتهجة في أواخر فبراير/شباط عندما عَلِمَت أنّه تم اختيار فيلمها "جزائرهم" ليعرض للمرة الأولى عالمياً خلال الدورة الـ51 لمهرجان "رؤى الواقع-Visions du Réel" في بلدة نيون في سويسرا.

بعد ذلك، في منتصف شهر مارس/آذار، تلّقت لينا بريداً إلكترونياً آخر من منظِّمي المهرجان يوضِّح أنّه لم يعد بالإمكان عرضُ الفيلم ودعوة الحضور. لذا اتُّخِذَ قرارٌ بعرضه عبر شبكة الإنترنت، لكن من أجل حماية الفيلم والحفاظ على احتمالية عرضه في مهرجانات أُخرى حول العالم في المستقبل، أُتيحت المشاهدة فقط لمن يملكون بطاقة دخول لكافة فعاليات المهرجان وضيوفه. 

أما كمال الجعفريّ والمشارك في نفس المهرجان، فقد قرّر عرض فيلمه الوثائقيّ السّابع "صيف غير عادي"للمرّة الأولى من خلال موقع مهرجان "رؤى الواقع-Visions du Réel" على الإنترنت، وسيكون العرض متاحاً للجميع بين 25 أبريل/ نيسان إلى 2 مايو/أيار.

يعالج "صيف غير عادي" مواد أرشيفيّة لكاميرا مراقبة، كان قد اقتناها والد المخرج، لتسجيل ما يحدث أمام منزله. تعمل الكاميرا طوال اليوم دون توقف، وترصد تراقص الشخصيّات والحركات دون تدّخلٍ بشريّ، أو علم مَن يرسمون هذه الصور، فيما يُعرف باسم "الغيتو العربي" في مدينة الرّملة في الداخل المحتلّ. 

ومن أعمال الجعفري السابقة فيلم "سقف" عام 2006، و"ميناء الذاكرة" عام 2010، و"تذكر" عام 2015.

تأجيل المهرجانات وعروض الأفلام 

قبل أسبوعين من انطلاقة الدورة السّادسة لمهرجان حيفا المستقل للأفلام، أعلن القائمون عليه قرارهم الصعب بتأجيله إلى إشعار آخر، وهو الذي كان من المفترض أن يبدأ في 25 مارس/ آذار الماضي.  

من ضمن الأفلام الفلسطينيّة التي تأجّل عرضها لأول مرة في فلسطين خلال هذه المهرجان فيلم "منع أمني" لمحمّد المغّني، وهو مشروع تخرّج لدرجة الماجستير في السينما من جامعة لودز البولنديّة. الفيلم من بطولة معتز ملحيس ويارا جرّار. إضافةً إلى الفيلم القصير "بحبّش السينما"، لطالب السينما ورد كيّال في عامه الدراسيّ الثاني، وهو من بطولة الطفل جوليان أطرش، والممثل صالح بكري، والممثلة ماريا زريق، وفيلم "عودة أوزيريس" للمخرج الشاب عيسى غريّب.  

أيام العزلة والحجر الصحيّ تكاد تكون أسوأ ما حصل للسينما عالميّاً ومحليّاً، لكنها كذلك قد تكون مجالاً متاحاً للإبداع، فها هي الفرصة أمام كتاب السيناريو ليكتبوا أفلامهم المستقبلية. فكيف ستبدو السيناريوهات التي ستُقدَّم للمنتجين قريباً؟