11 نوفمبر 2019

من الرصاص إلى العفو.. سيرة "كتائب شهداء الأقصى"

من الرصاص إلى العفو.. سيرة "كتائب شهداء الأقصى"

خلال سنوات الانتفاضة الثانيّة، لعبت "كتائب شهداء الأقصى" دوراً مركزيّاً في العمل العسكريّ الفلسطينيّ. كما شكّلت تلك التجربة إجابةً واضحةً لقواعد "فتح" حول طبيعة انخراطهم ومشاركتهم في الانتفاضة. في هذا المقال نحاول تتبع تشكّل هذا التنظيم وتطوّره وأبرز ملامحه.

البدايات.. زمن القيادة المحليّة

منذ انطلاق الانتفاضة، تفاعلت قواعد "فتح" الشعبيّة معها بشكلٍ إيجابيٍّ. انعكس ذلك على طبيعة المشاركة في المظاهرات الجماهيريّة، وهجمات مُنتسبي الأجهزة الأمنيّة، ومعظمهم من كوادر "فتح"، ضدّ الأهداف الإسرائيليّة. مع ذلك، لم يتبلور تنظيمٌ عسكريٌّ يوازي التنظيمات العسكريّة للفصائل الفلسطينيّة الأخرى، مما دفع قواعد حركة "فتح" والقيادات المحليّة والمناطقيّة والمرتبطة بالقواعد الجماهيريّة فيها، إلى تشكيل خلايا مُسلّحة محليّة والمشاركة في الانتفاضة. كان ذلك بدعمٍ وتغطيةٍ من مرجعيات تنظيميّة مثل مروان البرغوثي، مسؤول اللجنة الحركيّة العليا في الضّفة الغربيّة، وثابت ثابت أمين سر التنظيم في طولكرم، وبدرجةٍ أقلّ حسين الشيخ، أمين سرّ حركة "فتح" في الضّفة حينها.1انقسمت "فتح" بين موقفين: موقف اللجنة المركزيّة للحركة ومعها المجلس الثوريّ إلى حدٍّ ما، وهو الموقف الذي رفض أساليب كتائب الأقصى في القتال، وموقف اللجنة الحركيّة العليا، والتي كان منها البرغوثي والشيخ، وهو الموقف الذي وفّر غطاءً تنظيمياً للكتائب.

بعد عدّة شهور، بدأت شخصياتٌ ذات خلفية عسكريّة وأمنيّة تبلور إطاراً جامعاً لمجموعات "فتح" العسكريّة. كان من بينها نايف أبو شرخ، حسين وعاطف عبيات، ومروان زلوم، ورائد الكرمي من الضّفة الغربيّة، وجهاد أبو العمارين، وعمرو أبو ستة -الذي أسس كتائب أحمد أبو الريش لاحقاً- وأبو خالد حجازي في قطاع غزّة. وقد جرى الاتفاق على تسمية "كتائب شهداء الأقصى" بين قادة "فتح" العسكريّين في غزّة والضّفة، بعد أن راج الاسم في الضّفة عبر بعض البيانات التي أصدرتها خلايا محليّة هناك، وذلك رغم نيّة الرئيس ياسر عرفات في حينه أن تكون التسميّة "لواء العاصفة".2وثائقي "في ضيافة البندقية، كتائب شهداء الأقصى"، إنتاج قناة الجزيرة عام 2005.

منذ تلك اللحظة، انخرطت معظم قواعد حركة "فتح" العسكريّة في مجهودٍ قتاليٍّ واسع ضدّ العدو الإسرائيليّ، ونفذت مئات العمليات العسكريّة، حتى أصبح التنظيم في المرتبة الثانيّة بعد "كتائب القسّام" من حيث الجهد العسكريّ، وإيقاع الخسائر البشريّة في صفوف العدو، وذلك بنسبة بلغت 18.4% من مجموع قتلى العدوّ خلال الانتفاضة.3العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، إسماعيل الأشقر ومؤمن بسيسو، المركز العربي للبحوث والدراسات 2005.

اتسم الجهد العسكريّ للكتائب باللامركزية، ونشطت الخلايا دون هيكلٍ تنظيميٍّ عسكريٍّ واضحٍ سواء في الضّفة أو غزّة. ورغم وجود شخصيات قياديّة تحظى بتأييدٍ شعبيٍّ ووطنيٍّ واسع، مثل رائد الكرمي، ونايف أبو شرخ، وجهاد العمارين، ومروان زلوم، إلا أن البنية العسكريّة اتسمت بالمحليّة، واعتمدت على الجهد الفرديّ. يفسّر ذلك كثرةَ التجمعات العسكريّة التي اتخذت مسمياتٍ مختلفة وإن بقيت في إطار الكتائب، بالإضافة إلى وجود ميّزات وتجارب تنظيميّة خاصّة تختلف تبعاً للتقسيم الجغرافيّ، مثل تجربة نابلس وجنين، وظواهر شبيهة في قطاع غزّة.

سمة أساسيّة أخرى في نشاط "كتائب شهداء الأقصى" كانت الاعتماد الجدّي على العمل المشترك، وبناء علاقات تنظيميّة واسعة مع الفصائل الأخرى، وخصوصاً في المناطق ذات التواجد الكبير للكتائب، مثل نابلس وجنين. ويمكن أن يكون الدافع لذلك هو السعي لإيجاد أكبر قدر من التوافق والإسناد والدعم حولها، خاصّةً أن علاقة كتائب الأقصى مع الجسم السياسيّ والتنظيميّ الذي كانت تنتمي إليه لم تكن واضحة ومستقرة كبقية الفصائل الأخرى. وللمفارقة فإنّ عدداً من قادة الكتائب المركزيّين استشهدوا في عمليات اغتيالٍ تعرضوا لها أو عمليات اشتباكٍ خاضوها برفقة قادة في الأجنحة العسكريّة الأخرى، مثل الشّهداء: نايف أبو شرخ، وحسن المدهون، وعلاء الصباغ.4استشهد نايف أبو شرخ بعد محاصرته في نابلس برفقة كلّ من جعفر المصريّ من كتائب القسام وفادي البهتي-الشيخ ابراهيم-من سرايا القدس. واستشهد حسن المدهون مع فوزي أبو قرع من كتائب القسّام من خلال استهداف سيّارة كانت تقلّهما شمال غزّة. بينما استشهد علاء الصباغ برفقة عماد نشرتي أحد قادة كتائب القسام أثناء اشتباك مسلّح مع الوحدات الإسرائيليّة الخاصّة في مخيّم جنين. 

كذلك، تركّز نشاط كتائب شهداء الأقصى العسكريّ في الأراضي المحتلّة عام 1967، خاصةً خلال أوّل عامين، ثمّ طرأ تحوّلٌ في ذلك عام 2002. كما تنوّعت العمليّات العسكريّة التي نفّذتها الكتائب، وتميّزت بنشاط النساء في العمليّات الاستشهاديّة، إذ نفّذت مقاتلات الكتائب ست عمليّات استشهاديّة من أصل 8 عمليّات نفّذتها نساء خلال سنوات الانتفاضة الخمسة.

المقاومة تعرّف الطريق (الالتفافيّ)

يمكن تقسيم المسيرة العسكريّة والتنظيميّة لكتائب شهداء الأقصى إلى ثلاث مراحل رئيسية؛ تمتد الأولى من بداية الانتفاضة وحتى عملية "السّور الواقي" في مارس/آذار 2002، والثانية من "السّور الواقي" وحتى الانسحاب من قطاع غزّة في صيف 2005، والثالثة من الانسحاب من غزّة وحتى قرار حلّ التنظيم في 2009.

اتسمّت المرحلة الأولى بتماسك هذا الإطار إلى حدٍ ما، وانخراطه الواسع في نشاطات الانتفاضة، مما انعكس على فعاليته العسكريّة الواسعة، بالإضافة لعدم تصادمه السياسيّ مع توجّهات قيادة "فتح" والسّلطة، خاصّةً فيما يتعلق بعدم الرغبة في استهداف العدو داخل الأراضي المحتلّة عام 1948. في ضوء ذلك، كان معظم الجهد العسكريّ منصباً ضدّ الأهداف العسكريّة و"المدنيّة" في الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة، وقد راجت لدى عناصر التنظيم العمليات على الطرق الالتفافيّة في الضفّة الغربيّة واستهداف الحواجز الإسرائيليّة.

اغتالت "إسرائيل" خلال هذه الفترة معظم القيادات المركزيّة للتنظيم، خاصّة في المناطق التنظيميّة الكبرى كمدينة نابلس شمال الضّفة الغربيّة. بالإضافة إلى اعتقال المرجعيّات التنظيميّة مثل مروان البرغوثي وناصر عويس، وهو ما أثّر على تماسك هذا الإطار لاحقاً، وسمح بالكثير من الإشكاليات المتعلقة بتنظيم السّلاح، وتشتيت الجهد العسكريّ والتنظيميّ.

 

سيل الانتفاضة يجرف التنظيم إلى الداخل

في المرحلة الثانية، أي بعد "السّور الواقي" استمر التنظيم في إسهامه العسكريّ، ولكن طرأ تطورٌ جديدٌ في توجهاته العسكريّة، إذ بدأ ينفذ عملياتٍ استشهاديّة على نمط عمليات كتائب القسّام والجهاد الإسلامي داخل المدن في الأراضي المحتلة عام 1948. وقد أدى هذا التغيير إلى إدراج الاتحاد الأوروبي لكتائب الأقصى في قائمة المنظمات الإرهابيّة عام 2005. 

وتُرجِع الدراسات الإسرائيليّة وبعض التحقيقات الدوليّة هذا التغيير إلى تراجع التأييد الشعبيّ الذي حصدته كوادر "فتح"، في مقابل التأييد المتصاعد للإنجازات العسكريّة لحركتي "حماس" والجهاد الإسلاميّ، واعتبار الحركة -أي "فتح"- "مقصّرة" في هذا الجانب. وقد يكون الاجتياح الإسرائيليّ الواسع في عملية "السّور الواقي" قد دفع كوادر الكتائب للاقتداء أكثر بنماذج العمليات التي قدّمتها الفصائل الأخرى. يمكن من قراءة هذا التطوّر القول إنّ كوادر الكتائب كانت جزءاً من الشارع الفلسطينيّ، ولم تمتلك رؤيةً سياسيّة ولا استراتيجيّة صلبة، بل تبعت ما أملاه المزاج السياسيّ العام في تلك الفترة.

في المرحلة الثانية ظهرت انقساماتٌ كثيرة داخل كتائب الأقصى، وتشكّلت مجموعات محليّة بأسماء جديدة، وإن كانت تعترف بكتائب الأقصى إطاراً عامّاً لها؛ تشكّلت في الضفّة "فرسان الليل" و-"صقور الفتح" و-"لواء العاصفة"، و-"كتائب ياسر عرفات"،  بينما تشكّلت في غزّة مجموعات أيمن جودة، ونبيل مسعود، ولواء جهاد العمارين، ولواء أبو جهاد. وبلغ عدد هذه التشكّلات أكثر من 30 تشكلاً، ما أضعف الفاعليّة العسكريّة للتنظيم إلى حدٍّ بعيد. ولاحقاً، تحديداً منذ عام 2004، تقلّصت عمليّات التنظيم وتلاشت إسهاماته العسكريّة.

كما شهدت هذه الفترة تمايزاً داخل تيّارات الكتائب، إذ تصاعدت توجّهات بعض التيّارات لبناء العلاقة مع الأجنحة العسكريّة للفصائل الأخرى وتوطيد العلاقة معها، لا سيما مع كتائب القسّام في قطاع غزّة. وكانت أهم العمليّات العسكريّة في القطاع بين 2004 و-2005 قد نُفِّذت تنفيذاً مشتركاً بين القسّام والأقصى ولجان المقاومة الشعبيّة، مثل عمليّة "براكين الغضب" وعمليّة بئر السبع وعمليّة "زلزلة الحصون".5نُفّذت عمليّة "براكين الغضب" في 13 ديسمبر/كانون الأول 2004، حيث استخدمت "صقور فتح" و"كتائب القسّام" أنفاقًا لاستهداف قاعدة عسكريّة إسرائيليّة بمحاذاة معبر رفح. بعد تفجير عبوةٍ تزن طناً، هاجم مقاتلان المعسكر بأسلحةٍ رشاشة، وقضى في الاشتباك الشهيد مؤيّد الأغا. أما عمليّة "زلزلة الحصون" فنفّذها مقاتلون من القسّام والأقصى وألوية الناصر صلاح الدين يوم 13 يناير/كانون الثاني 2005، حيث اشتبكوا مع جنود الاحتلال بعد تفجير عبوةً ناسفة في السياج الفاصل. وقضى في العمليّة الشهيد محمود المصري، الشهيد محمّد المنسي، والشهيد سمير جحا.

المرحلة الأخيرة.. من الرصاص إلى الوظيفة

في 26 يونيو/حزيران 2004 اغتالت "إسرائيل" نايف أبو شرخ، قائد كتائب شهداء الأقصى في شمال الضفة، إلى جانب اغتيال قائد كتائب القسّام في نابلس وقائد سرايا القدس. مع هذه الضربة وما شابهها من اغتيالات للقيادة التي ضمن وجودها استمرار الفعاليّة العسكريّة للتنظيم، كانت كتائب شهداء الأقصى قد بدأت تفقد تأثيرها العسكريّ في مسار الانتفاضة. بعدها، لم يعد من الكتائب سوى الاسم؛ أصبح التنظيم مجرد مسمى عام وفضفاض، يعج بالتجمعات والتيارات العسكريّة والتنظيمية المختلفة. وهكذا بدأت ملامح المرحلة الثالثة والأخيرة.

خلال هذه الفترة بات يُلاحظ تغلغل الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة (مثل جهازي المخابرات والأمن الوقائي) داخل التنظيم بشكلٍ أكبر، فبعدما كان مقاتلو وقادة كتائب الأقصى يجندون علاقاتهم داخل الأجهزة الأمنيّة للحصول على السلاح والحماية، أصبح قادة الأجهزة الأمنية وخصوصاً المخابرات والوقائي يقومون بعكس ذلك. انعكس ذلك على طبيعة الولاءات التنظيمية، وحرف بوصلة المواجهة مع العدوّ، لتصبح الكثير من التجمعات التي تحمل مسمّى شهداء الأقصى جزءاً من حالة الفلتان التي كانت سمة الأعوام ما بين 2005 و-2007.

استمر الانهيار التنظيمي ووصل الحضيض مع الإعلان بمرسوم رئاسي من محمود عباس عن حل كتائب شهداء الأقصى في عام 2007. ووُقِّعت اتفاقية العفو بين حكومة سلام فياض ودولة العدو. وعفت "إسرائيل" بموجب الاتفاقيّة عن 180 مقاتلاً من كتائب شهداء الأقصى مقابل تسليم السلاح، والحصول على وظائف في الأجهزة الأمنية. مع الإشارة إلى أن هذا التوافق لم يكن نتاج توافقات ومشاورات بين قيادة السلطة وقيادة حركة "فتح" ومقاتلي الكتائب، بل جرى فرضه قسراً وعبر سلسلة قاسية من الحملات الأمنيّة ضدّ مراكز كتائب الأقصى وخصوصاً في مخيمي جنين وبلاطة، مثل حملة "بسمة الأمل" وغيرها، واعتقال العشرات من قادة الكتائب على إثر ذلك.6دراسة: تجريم المقاومة، حالة بلاطة وجنين، علاء الترتير مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 111، صيف 2017.

 يقول أحد قادة حركة "فتح" في منطقة جنين: "ما إن سلّمنا عناصرَ "حماس" والجهاد للجهات الإسرائيليّة، وكذلك الزعران إلى السّلطة الفلسطينيّة.. حتّى جاء دورنا. فقد فكّكت قيادة السّلطة الفلسطينيّة، مستعينة بعقيدتها الأمنيّة وأجهزتها، جناحنا العسكريّ وصادروا أسلحتنا".7"تجريم المقاومة، حالة بلاطة وجنين. علاء الترتير، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 111، صيف 2017. 

طيف عرفات

لا تزال التساؤلات حول تأسيس كتائب الأقصى مطروحة حتّى يومنا هذا، وتختلف الإجابات. هل كانت تجاوباً قاعدياً في "فتح" مع تحدّيات الانتفاضة؟ هل تأسست بأوامر من ياسر عرفات ومجموعة من قيادات حركة "فتح"، مثل مروان البرغوثي وثابت ثابت في الضفّة الغربيّة، وأبو ماهر حلس في قطاع غزّة؟

تفيد بعض الوثائق التي حصل عليها جيش الاحتلال الإسرائيليّ أثناء مداهمته لبعض المقرات التنظيميّة والحكوميّة، أو أثناء اجتياح المقاطعة في رام الله عام 2003، بوجود روابط قوية وواضحة بين قادة كتائب شهداء الأقصى وياسر عرفات على المستويين الماليّ والتنظيميّ، سواءً بشكلٍ مباشرٍ أو عبر قيادات ومرجعيّات حركة "فتح" ممثلةً بالبرغوثي وحسين الشيخ.

اقرأ/ي المزيد: "كيف خطّط عرفات للانتفاضة الثانية وكيف انقلبت عليه؟".

اتّخذ ياسر عرفات دوراً هاماً في دعم المجموعات العسكريّة، على الأقل بعد تشكّلها، وأعطيت هذه المجموعات ضوءاً أخضر في مسارها العسكريّ، وتوفّرت لها خطوط إمدادٍ ماليّة وعسكريّة من قبل عرفات نفسه. ولم يقف دعم عرفات عند هذا الحد، بل كانت هناك محاولات لتهريب شحنات ضخمة من الأسلحة، مثل حادثة السفينة "Karine A"، والتي كانت سبباً في محاصرته واغتياله بعد ذلك. لكن تجدر الإشارة في هذا الصدد، أن ياسر عرفات لم يكن اللاعب الوحيد، إذ أن فواعل أخرى لعبت دوراً رئيسياً في الدعم الماليّ والإمداد بالخبرة القتالية، مثل "حزب الله" الذي صبّ جهده الأساسي خلال الانتفاضة في دعم خلايا كتائب شهداء الأقصى والجهاد الإسلامي. بالإضافة إلى ذلك، فقد دعمت حركة "حماس" بعض هذه الأجنحة من كتائب الأقصى في قطاع غزّة.

في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2007، اغتالت "إسرائيل" باسم أبو سريّة (الملقّب بـ"القذافي")، والذي كان آخر مقاتلي الكتائب المطاردين والبارزين. في ذات السنة، جرى الحدث الأهمّ في تاريخ الكتائب، "صفقة العفو" وتسليم السّلاح بموجب اتفاق بين السّلطة الفلسطينيّة ودولة العدو، لتطوى بذلك صفحة في تاريخ حركة "فتح" والمجتمع الفلسطينيّ عامةً؛ صفحة شهدت ظاهرةً عسكريةً مميّزة تجاوزت الإرادة التنظيميّة العليا لحركة "فتح" كما عبّرت عنها قرارات اللجنة المركزيّة الرافضة للانتفاضة المسلّحة، ظاهرة أجبرت تنظيمها على الانخراط في الكفاح الفلسطينيّ، وعززت توجهاته القتاليّة.